---
٢٩٩٢- تَرَكْنا الخيلَ والنَّعَمَ المُفَدَّى * وقلنا للنساءِ بها أَقيمي
ولذلك قال سيبويه: "وأمَّا أَفْعال فقد يقع للواحد" فقوله "قد يقع للواحد" دليلٌ على أنه ليس ذلك بالوضْعِ، فقولُ الزمخشري: "أنه ذكره في الأسماء النمفردة على أَفْعال" تحريفٌ في اللفظ، وفَهِمَ عن سيبويه ما لم يُرِدْه. ويَدُلُّ على ما قلناه أنَّ سيبويه حيث ذَكَرَ أبنيةَ الأسماء المفردةِ نَصَّ على أنَّ أَفْعالاً ليس من أبنيتها. قال سيبويه في باب ما لحقته الزيادةُ من بنات الثلاثة: "وليس في الكلام أُفْعِيل ولا أَفْعُول ولا أُفْعَال ولا أَفْعيل ولا أَفْعال، إلا أن تُكَسَّرَ عليه اسماً للجمع". قال: "فهذا نصُّ منه على أنَّ أَفْعالاً لا يكون في الأسماء المفردة".
قلتُ: الذي ذكره الزمخشريُّ هو ظاهرُ عبارةِ سيبويه وهو كافٍ في تسويغ عَود الضمير مفرداً، وإن كان أَفْعال قد يقع موقعَ الواحد مجازاً فإنَّ ذلك ليس بضائرٍ فيما نحن بصددِه، ولم يُحَرِّفْ افظَه، ولم يَفْهَمْ عنه غيرَ مرادِه، لِما ذكرْتُه من هذا المعنى الذي قَصَدَه.
وقيل: إنما ذَكَّر الضمير لأنه يعودُ على البعض وهو الإناث؛ لأنَّ الذكورَ لا أَلْبانَ لها، فكأنَّ العِبْرَة هي بعض الأنعام. وقال الكسائي: "أي في بطونِ ما ذَكَرَ". قال المبرد: "وهذا شائعٌ في القرآن، قال تعالى: "إنَّ هذه تذكرةٌ فَمَنْ شاء ذَكَره"، أي: ذَكَر هذا الشيء. وقال تعالى: "فلمَّا رأى الشمسَ بازغةً قال: هذا ربِّي"، أي: هذا الشيءُ الطالعُ، ولا يكون هذا إلا في التأنيث المجازيِّ، لا يجوز: جاريتُك ذهب". قلت: وعلى ذلك خُرِّج قوله:
٢٩٩٣- فيها خطوطٌ مِنْ سوادٍ وبَلَقْ * كأنه في الجِلدِ تَوْليْعُ البَهَقْ
أي: كأنَّ المذكورَ. وقيل: جمعُ التكسير فيما لا يُعْقَل يُعامَل معاملةَ الجماعةِ ومعاملةَ الجمع، ففي هذه السورةِ اعتُبِر معنى الجمع، وفي سورة المؤمنين اعتُبر معنى الجماعة، ومن الأولِ قولُ الشاعر:/