قال الشيخ: "الجمع تارةً يُلْحَظُ فيه المجموعُ من حيث هو مجموعٌ، وتارةً يُلحظ فيه كلُّ فردٍ فردٍ. فإذا لُوْحظ فيه المجموعُ كان الإسناد معتبراً فيه الجمعيَّةُ، وإذا لُوْحظ فيه كلُّ فردٍ فردٍ كان الإسناد مطابقاً للفظِ الجمع كثيراً، فيُجْمع ما أُسند إليه، ومطابقاً لكلِّ فردٍ فردٍ فيُفْرد، كقوله تعالى: ﴿وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئاً وَآتَتْ﴾ لمَّا كان لُوْحِظ في قوله "لهنَّ" معنى لكلِّ واحدة، ولو جاء مُراداً به الجمعيةُ أو الكثيرُ في الوجهِ الثاني لجُمِع المتكأ، وعلى هذا المعنى يُحمل قول الشاعر:
٣٠١٥- فإني وَجَدْتث الضَّامِرينَ متاعُهمْ * يَمُوْتُ ويَفْنَى فارْضِخِي مِنْ وعائيا
أي: رأيتُ كلَّ ضامرٍ؛ ولذلك أَفْرَدَ الضميرَ في "يموتُ ويَفْنى" ولمَّا كان المعنى: لا يَتَّخِذُ كلُّ واحدٍ منكم جاء "فَتَزِلَّ قَدَمٌ"، مراعاةً لهذا المعنى، ثم قال: وتَذُوقْوا، مراعاةً للمجموع [أو] لِلَفْظِ الجمع على الوجهِ الكثيرِ إذا قلنا: إن الإسنادَ لكل فردٍ فرد، فتكون الآية قد تعرَّضتْ للنهي عن اتخاذ الأَيْمَانِ دَخَلاُ باعتبار المجموعِ، وباعتبارِ كل فردٍ فرد، ودَلَّ على ذلك بإفراد "قَدَم" وبجَمْعِ الضمير في "وتَذُوْقوا".
قلت: وبهذا التقديرِ الذي ذكره الشيخ يفوتُ المعنى الجَزْلُ الذي اقتنصَه أبو القاسم مِنْ تنكير "قَدَم" وإفرادها. وأمَّا البيتُ المذكورُ فإنَّ النَّحجْويين خَرَّجوه على أن المعنى: يموت مَنْ ثُمَّ، ومَنْ ذُكِرَ، فأفرد الضميرَ لذلك لما لا لِما ذكر.
* ﴿ مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوااْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾
(٩/٢٩٥)
---