قوله تعالى: ﴿لِّسَانُ الَّذِي﴾: العامَّة على إضافة "لسان" إلى ما بعدَع. واللِّسانُ: اللغة. وقرأ الحسن "اللسان" معرَّفاً بأل، و "الذي" نعتٌ له. وفي هذه الجملة وجهان، أحدُهما: لا محلَّ لها لاستئنافِها، قاله الزمخشري. والثاني: أنها حالٌ مِنْ فاعل "يقولون"، أي: يقولون ذلك والحالُ هذه، أي: عِلْمُهم بأعجميةِ هذا البشرِ وإبانةِ عربيَّةِ هذا القرآنِ كان ينبغي أَنْ يمنَعهم من تلك المقالةِ، كقولِك: "تَشْتُمُ فلاناً وهو قد أحسنَ إليك"، أي: وعِلْمُك بإحسانِه إليك كان يمنعُم مِنْ شَتْمِهِ، قاله الشيخ. ثم قال: "وإنما ذهب إلى الاستئنافِ لا إلى الحالِ؛ لأنَّ مِنْ مذهبِه أنَّ مجيءَ الحالِ اسميةً من غيرٍ واوٍ شاذٌ، وهو مذهبٌ مرجوحٌ تَبِه فيه الفراءَ".
و "أعجميٌّ" خبرٌ على كبتا القراءتين. والأعجميُّ: مَنْ لم يتكلَّمْ بالعربية. وقال الراغب: "العَجَمُ عربياً كان أو غيرَ عربي؛ اعتبارً بقلة فَهْمِه من العُجْمة. والأعجميُّ منسوبٌ إليه، ومنه قيل للبهيمة "عَجْماءُ" من حيث إنها لا تُبِيْنُ، و "صلاةُ النهارِ عَجْماء"، أي: لا يُجْهَرُ فيها. والعَجَمُ: النَّوَى لاختفائِه. وحروف المعجم، قال الخليل: "الحروفُ المقطَّعة لأنها أعجمية" قال بعضهم: معانه أنَّ الحروفَ المجردة لا تَدُلُّ على ما تَدُلُّ عليه الموصولةُ. وأَعْجمتُ الكتاب ضِدُّ أَعْرَبْتُه، وأَعْجَمْتُه: أَزَلْتُ عُجْمَتَه كَأَشْكَيْتُه، أي: أَزَلْتُ شِكايتَه، وسيأتي لهذا أيضاً مزيدُ بيانٍ إنْ شاء الله في الشعراء، وحم السجدة. وتقدَّم خرفُ القرَّاءِ في "يُلْحِدُون" في الأعراف.
* ﴿ مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَاكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾
(٩/٢٩٩)
---


الصفحة التالية
Icon