قوله تعالى: ﴿مَن كَفَرَ بِاللَّهِ﴾: يجوز فيه أوجهُ، أحدُها: أن يكونَ بدلاً من ﴿الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾، أي: إنما يفترى الكذبَ مَنْ كفر. الثاني: أنه بدلٌ مِنَ "الكاذبون". والثالث:/ مِنْ "أولئك" قاله الزمخشريُّ، فعلى الأولِ يكون قولُه ﴿وَأُوْلائِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾ جملةً معترضةً بين البدلِ والمُبْدلِ منه.
واستضعف الشيخُ الأوجهَ الثلاثةَ فقال: "لأنَّ الأولَ يقتضي أنه لا يَفْتَي الكذبَ إلا مَنْ كفر بالله من بعدِ إيمانِه، والوجودُ يَقْضي أنَّ المفتريَ مَنْ لا يؤمن، سواءً كفر بالله من بعدِ إيمانِه، أم لا، بل الأكثرُ الثاني وهو المفتري" قال: "وأمَّا الثاني فَيَؤُوْل المعنى إلى ذلك؛ إذ التقديرُ: وأولئك: أي: الذين لا يؤمنون هم مَنْ كفر بالله من بعدِ إيمانِه، والذين لا يؤمنون هم المُفْترون. وأمَّا الثالثُ فكذلك؛ إذ التقديرُ: إنَّ المشارَ إليهم هم مَنْ كفرَ بالله من بعد إيمانه، مُخْبراً عنهم بأنهم الكاذبون".
الوجه الرابع: أن ينتصبَ على الذمِّ، قاله الزمخشري. الخامس: أن يرتفعَ على خبرِ ابتداءٍ مضمرٍ على الذمِّ أيضاً. السادس: أن يرتفعَ على الابتداء، والخبرُ محذوفٌ، تقديره: فعليهم غضبٌ لدلالةِ ما بعد "مَنْ" الثانيةِ عليه.
(٩/٣٠٠)
---


الصفحة التالية
Icon