وقرأ الحسن وابن يعمر وطلحةُ "الكذبِ" بالخفضِ وفيه وجهان، أحدُهما: أنه بدلٌ من الموصولِ، أي: ولا تقولوا لوصفِ ألسنتِكم الكذبِ، أو للذي تصفه ألسنتكم الكذبِ، جعله نفسَ الكذبِ لأنه هو. والثاني: ذكره الزمخشري أن يكون نعتاً لـ "ما" المصدرية. ورَدَّه الشيخُ: بأنَّ النحاةَ نصُّوا على أن المصدرَ المنسبكَ مِنْ أنْ والفعلِ لا يُنْعَتُ، لا يُقال" يعجبني أن تخرجَ السريهُ" ولا فرقَ بين عذا وبين باقي الحروفِ المصدرية.
وقرأ ابن أبي عبلة ومعاذ بن جبل بضمِّ الكاف والذال، ورفعِ الباء صفةً للألسنة كصَبُور وصُبُر، أو جمع كاذِب كشارِف وشُرُف، أو جمع "كِذاب" نحو: كِتاب وكُتُب.
وقرأ مَسْلَمَةُ بنُ محارِبٍ فيما نقله ابن عطية كذلك، إلا أنَّه نصب الباءَ، وفيه ثلاثةُ أوجهٍ، ذكرها الزمخشري. أحدُها: أن تكونَ منصوبةً على الشتم، يعني وهي في الأصل نعتٌ للألسنة كما في القراءة قبلها. الثاني: أن تكون بمعنى الكَلِمِ الكواذب، يعني أنها مفعولٌ بها، والعامل فيها: إمَّا "تَصِفُ"، وإمَّ القولُ / على ما مرَّ، أي: لا تقولوا الكَلِمَ الكواذبَ، أو لِمَا تَصِفُ ألسنتُكم الكلمَ الكواذبَ. الثالث: أن يكونَ جمع الكِذاب مِنْ قولِك "كَذِب كِذاباً" يعني فيكون منصوباً على المصدر؛ لأنه مِنْ معنى وَصْفِ الألسنةِ فيكون نحو: كُتُب في جمع كِتاب، وقد قرأ الكسائيُّ: ﴿وَلاَ كِذَاباً﴾ بالتخفيف كما سيأتي في النبأ.
(٩/٣٠٨)
---


الصفحة التالية
Icon