قوله: "حنيفاً" حالٌ، وتقدَّم تحقيقُه في البقرة. وقال ابن عطية: "قال مكي: ولا يكون - يعني حنيفاً - حالاً من "إبراهيم" لأنه مضافٌ إليه، وليس كما قال؛ لأن الحالَ قد تعمل فيها حروفُ الجرِّ إذا عَمِلَتْ في ذي الحال كقولِك "مررتُ بزيدٍ قاءماً". قلت: ما ذكره مكيٌّ من امتنعِ الحالِ من المضاف إليه فليس على إطلاقه لِما تقدَّم تفصيلُه في القرة. وأمَّا قولُ ابن عطية: إن العاملَ الخافضُ فليس كذلك، إنما العاملُ ما تعلَّق به الخافضُ، ولذلك إذا حُذِفَ الخافضُ، نُصِبَ مخفوضُه.
* ﴿ إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴾
قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا جُعِلَ﴾: العامَّةُ على بنائِه للمفعول، وأبو حَيْوةَ على بنائِه للفاعلِ، "السَّبْتَ" مفعول به.
* ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾
قوله تعالى: ﴿ادْعُ﴾: يجوز أن يكونَ مفعولُه مراداً، أي: ادعُ الناسَ، وأن لا يكونَ، أي: افعلِ الدعاءَ. و "بالحكمة" حالٌ، أي: ملتبساً بها.
* ﴿ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ ﴾
قوله تعالى: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ﴾: العامَّةُ على المُفاعلة، وهي بمعنى فَعَلَ كسافَر، وابنُ سيرين "عَقَّبْتم" بالتشديد بمعنى: قَفَّيْتُمْ فَقَفُّوا بمثلِ ما فُعِلَ بكم. وقيل: تتبَّعْتُم. والباءُ مُعَدِّيَةٌ، وفي قراءةِ ابنِ سيرين: إمَّا للسببيةِ، وإمَّا مزيدةٌ.
(٩/٣١١)
---


الصفحة التالية
Icon