٣٠٤٢- أَمَرْتُك الخيرَ فافْعَلْ ما أُمِرْتَ به *...............................
قلت: والشيخُ رَدَّ عليه رَدَّ مُسْتَريحٍ من النظرِ، ولولا خَوفُ السآمةِ على الناظرِ لكان للنظرِ في كلامهما مجالٌ.
والوجه الثاني: أنَّ "أَمَرْنا" بمعنى كَثَّرْنا، ولم يَرْتَضِ الزمخشريُّ في ظاهرِ عبارتِه فإنَّه قال: "وفسَّرَ بعضُهم "أَمَرْنا" بـ "كَثَّرْنا"، وجَعَلَه من بابِ: فَعَّلْتُه فَفَعَلَ، كَثَبَّرْتُه فَثَبَر. وفي الحديثِ: "خَيْرُ المالِ سِكَّةٌ مأْبُوْرة ومُهْرَةٌ مَأْمورة"، أي: كثيرةُ النِّتاج". قلت: وقد حكى أبو حاتم هذه اللغةَ، يقال: أَمِر القومُ، وأَمَرهم اللهُ، ونقله الواحديُّ أيضاً عن أهل اللغة، وقال أبو علي: "الجيِّد في "أَمَرْنا" أن يكونَ بمعنى كَثَّرْنا".
واستدل أبو عبيدة بما جاء في الحديثِ فذكره. يقال: كَثَّرهم لم يُلتفَتْ إليه لثبوتِ ذلك لغةً". ويكون ممَّا لَزِمَ وتعدَّى بالحركةِ المخنلفةِ؛ إذ يُقال: أَمِر القومُ كَثُروا، وأَمَرَهم الله كثَّرهم، وهو من بابِ المطاوعة: أَمَرهم الله فَأْتَمَروا كقولِك: شَتَرَ اللهُ عَيْنَه فَشَتِرَتْ، وجَدَعَ اَنْفَه فَجَدِع، وثَلَمَ سِنَّه فَثَلِمَتْ.
وقرأ الحسن ويحيى بن يعمر وعكرمةُ: "أَمِرْنا" بكسر الميم بمعنى "أَمَرْنا" بالفتح. حكى أبو حاتم عن أبي زيد أنه يُقال: "أَمَرَ اللهُ مالَه، وأَمِرَه" بفتح الميم وكسرِها، وقد رَدَّ الفراء هذه القراءةَ، ولا يُلْتَفَتُ لِرَدِّه لثبوتِها لغةً بنَقْلِ العُدولِ، وقد نَقَلها قراءةً عن ابن عباس أبو جعفر وأبو الفضل الرازي في "لوامِحه" فكيف تُرَدُّ؟
وقرأ عليُّ بن أبي طالب وابنُ أبي إسحاق وأبو رجاء في آخرين "آمَرْنا" بالمَدِّ، ورُوِيَتْ هذه قراؤة عن ابنِ كثير وأبي عمرو وعاصم ونافعٍ، واختارها يعقوبُ، والهمزةُ فيه للتعديةِ؟
(٩/٣٣١)
---


الصفحة التالية
Icon