و "عندك" ظرفٌ لـ "يَبْلُغَنَّ" و "كِلا" مثنَّاةٌ معنىً من غيرِ خلافٍ، وإنما اختلفوا في تثنيتِها لفظاً: فمذهبُ البصريين أنها مفردةٌ لفظاً، ووزنُها على فِعْل كـ "مِعَى" وألفُها منقلبةٌ عن واوٍ بدليل قلبِها تاءً في "كِلْتا" مؤنثَ "كِلا" هذا هو المشهور. وقيل: ألفُها عن ياء وليس بشيءٍ. وقال الكوفيون - وتبعهم السهليليُّ مستدلِّين على ذلك بقوله:
٣٠٤٧- في كلتِ رِجْلَيْها سُلامى واحدَه *.......................
فَنَطَق بمفرِدها-: هي مثنَّاة لفظاً، ولذلك تُعْرَبُ بالألفِ رفعاً والياء نصباً وجراً، فألفها زائدةٌ على ماهية الكلمة كألف "الزيدان"، ولامُها محذوفةٌ عند السهيليِّ، ولم يأتِ عن الكوفيين نَصٌّ في ذلك، فاحتمل أن يكونَ الأمرُ كما قال السهيليُّ، وأن تكونَ موضوعةً على حرفَيْن فقط، لأنَّ مِنْ مذهبِهم جوازَ ذلك في الأسماءِ المعربة.
وحكمها أنها متى أُضيفت إلى مضمرٍ أعْرِبت إعرابض المثنى، أو إلى ظاهرٍ اُعْرِبَتْ إعرابَ المقصورِ عند جمهورِ العربِ، وبنو كنانةَ يُعْربونها إعرابَ المثن مطلقاً فيقولون: رأيت كِلَيْ اَخَوَيْك، وكونُها جَرضتْ مَجْرى المثنى مع المضمرِ دونَ الظاهر يضيق الوقتُ عن ذكره فإنِّي حَقَّقْتُه في "شرح التسهيل".
ومن أحكامِها: أنها لا تُضاف إلا إلى مثنى لفظاً ومعنى نحو: "كِلا الرجلين"، أو معنىً لا لفظاً نحو: ، "كِلانا"، ولا تَضاف إلى مُفَرِّقَيْنِ بالعطفِ نحو: "كِلا زيد وعمرو" إلا في ضرورةٍ كقوله:
٣٠٤٨- كِلا السيفِ والسَّاقِ الذي ذهبَتْ به * على مَهَلٍ باثنين ألقاه صاحبُهْ
وكذا لا تُضافُ إلى مفردٍ مرادٍ به التثميةُ إلا في ضرورةٍ كقوله:
٣٠٤٩- إنَّ للخير والشرِّ مَدَى * وكِلا ذلك وَجْهٌ وقَبَلْ
والأكثرُ مطابَقَتُها فَيُفْرَدُ خبرُها وضميرُها نحو: كلاهما قائمٌ، وكلاهما ضربتُه، ويجوزُ في قليل: قائمان، وضربتُهما، اعتباراً بمعناها، وقد جَمَعَ الشاعرُ بينهما في قوله:
(٩/٣٣٩)
---