وقد رَدَّ الشيخ عليه قولَه: بأنَّ القائمَ مقامَ الفاعلِ حكمُه حكمُه، فلا يتقدَّم على رافعِه كأصلِه. وليس لقائلٍ أَنْ يقولَ: يجوزُ على رأيِ الكوفيين فإنَّهم يُجيزون تقديمَ الفاعلِ؛ لأنَّ النحاس حمى الإِجماعَ على عدمِ جوازِ تقديمِ القائمِ مقامَ الفاعل إذا كان جارَّاً ومجروراً، فليس هو نظيرَ قولِه ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم﴾ فحينئذٍ يكون القائمُ مقامَ الفاعلِ الضميرَ المستكنَّ العائدَ على "كل" أو على القافي.
* ﴿ وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً ﴾
قوله تعالى: ﴿مَرَحاً﴾: العامَّةُ على فتحِ الراء وفيه أوجهٌ، أحدُها: أنه مصدرٌ واقعٌ موقعَ الحالِ، أي: مَرِحاً بكسر الراء، ويدلُّ عليه قراءةُ بعضِهم فيما حكاه يعقوبُ "مَرِحاً" بالكسر. الثاني: أنَّه حَذْفِ مضافٍ، أي: ذا مَرَحٍ، الثالث: أنه مفعولٌ مِنْ أجله.
والمَرَحُ: شِدَّةُ السرورِ والفرحِ. مَرِح يَمْرَح مَرَحاً فهو مَرِحٌ كفَرِح يَفْرَح فَرَحاً فهو فَرِحٌ.
قوله: "طُوْلاً" يجوز أَنْ يكونَ حالاً مِنْ فاعل "تَبْلُغ" أو مِنْ مفعولِه، أو مصدراً مِنْ معنى "تَبْلُغ" أو تمييزاً أو مفعولاً له. وهذان ضعيفان جداً لعدمِ المعنى.
وقرأ أبو الجرَّاح: "لن تَخْرُق" بضمِّ الراءِ، وأنكرها أبو حاتمٍ، وقال "لا نَعْرِفُها لغةً البتةَ".
* ﴿ كُلُّ ذالِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً ﴾
(٩/٣٥٠)
---


الصفحة التالية
Icon