قوله تعالى: ﴿وَتَعَالَى﴾: عطفٌ على ما تضمَّنه المصدرُ، تقديرُه: تنزَّه وتعالى. و "عن" متعلقة به. أو بـ "سبحان" على الإعمال لأنَّ "عن" تعلَّقت به في قوله ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ و "عُلُوّاً" مصدرٌ واقع موقعَ التعالي، كقولِه: ﴿أَنبَتَكُمْ مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتاً﴾ في كونِه على غيرِ الصدرِ.
* ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَاكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً ﴾
قوله تعالى :﴿تُسَبِّحُ﴾: قرأ أبو عمروٍ والأخَوان وحفصٌ بالتاء، والباقون بالياء مِنْ تحت، وهما واضحتان؛ لأنَّ التأنيثَ مجازيٌّ ولوجودِ الفصلِ أيضاً.
وقال ابن عطية: "ثم أعاد على السمواتِ والأرض ضميرَ مَنْ يَعْقِلُ لَمَّا أَسْنَدَ إليها فعلَ العاقلِ وهو التسبيحُ"، وهذا بناءً منه على أنَّ "هُنَّ" مختصٌّ بالعاقلات، وليس كما زَعَمَ، وهذا نظيرُ اعتذارِه عن الإشارة بـ "أولئك" في قوله ﴿كُلُّ أُولائِكَ﴾ وقد تقدَّم. وقرأ عبدُ الله والأعمشُ "سبَّحَتْ" ماضياً بتاء التأنيث.
* ﴿ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً ﴾
قوله تعالى: ﴿مَّسْتُوراً﴾: فيه وجهان، أحدُهما: أنه على بابه بمعنى: مستور عن أعينِ الكفار فلا يَرَوْنه. وقيل: هو على النسب، أي: ذو سِتْرٍ كقولِهم: مكان مَهُول وجاريةٌ مَغْنُوجة، أي: ذو هَوْل وذات غُنْجٍ، ولا يُقال فيهما: هُلْتُ المكانَ ولا غَنَجْتُ الجارية. وقيل: هو وصفٌ على جهة المبالغة كقولهم: "شِعْرٌ شاعِر". ورُدَّ هذا: بأنَّ ذلك إنما يكون في اسمِ الفاعلِ ومِنْ لفظِ الأولِ.
(٩/٣٥٦)
---


الصفحة التالية
Icon