قال الشيخ: "وفي هذه الآيةِ وفي قولِه تعالى: ﴿وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ﴾ ما يَرُدُّ على القاعدةِ المقررةِ في علم النحو: من أنَّه لا يتعدَّى فعلُ المضمرِ المتصل إلى ضميره المتصلِ إلا في بابِ ظنٍّ، وفي لفظَتَيْ فَقَد وعَدِمَ، لا يُقالُ: ضَرَبْتَكَ ولاَ ضَرَبْتُني، أي: ضربْتَ أنت نفسَك وضربْتُ أنا نفسي، وإنما يُؤْتى في هذا بالنفس، وحكمُ المجرورِ بالحرفِ حكمُ المنصوبِ فلا يقال: هَزَزْتَ إليك، ولا زيدٌ هَزَّ غليه، ولذلك جَعَلَ النحويون "عن" و"على" اسْمَيْن في قولِ امرئ القيس:
٣٢٢٥- دَعْ عنك نَهْباً صِيْحَ في حُجُراتِه * ولكنْ حَديثاً ما حديثُ الرواحلِ
وقول الآخر:
٣٢٢٦- هَوَّنْ عليكَ فإنَّ الأمورَ * بِكَفِّ الإلهِ مقادِيْرُها
وقد ثبت بذلك كونُهما اسمين لدخولِ حرفِ الجر عليهما في قوله:
٣٢٢٧- غَدَتْ مِنْ عليهِ بعدما تَمَّ ظِمْؤُها * تَصِلُّ وعن قَيْضٍ ببَيْداءَ مَجْهَلِ
وقولِ الآخر:
٣٢٢٨- فقُلْتُ للرَّكْبِ لَمَّا أَنْ عَلا بِهِمْ * مِنْ عَنْ يمينِ الحُبيَّا نظرةٌ قَبْلُ
وإمَّا "إلى" فحرفٌ بلا خلافٍ، فلا يمكنُ فيها أَنْ تكونَ اسماً كـ "عَنْ" و "على". ثم أجاب: بأنَّ "إليك" في الآيتين لا تتعلَّقُ بالفعلِ قبله، إنما تتعلَّقُ بمحذوفٍ على جهةِ البيان تقديرُه: أَعْني إليك". قال: "كما تَأَوَّلوا ذلك في قولِه: إني لكما من الناصحين" في أحد الأوجه".
قلت: وفي ذلك جوابان آخران، أحدهما: أن الفعلَ الممنوعَ إلى الضمير المتصل إنما هو حيث يكون الفعلُ واقعاً بذلك الضمير، والضميرُ مَحَلٌّ له نحو: "دَعْ عنك" "وهَوِّنْ عليك" وأمَّا الهَزُّ والضَّمُّ فليسا واقعين بالكاف فلا محذورَ. والثاني: أنَّ الكلامَ على حذفِ مضافٍ تقديره: هُزِّي إلى جهتِكِ ونحوك، واضمُمْ إلى جهتِك ونحوك.
(١٠/١٢٥)
---