والأمرُ عند البصريين مبنيٌّ وعند الكوفيين معرب، وَيدَّعون في نحو: "اضرب" أنَّ أصله: لِتَضْرِب بلام الأمر، ثم حُذِف الجازم وَتِبِعه حرفُ المضارعة وأُتِيَ بهمزة الوصل لأجلِ الابتداء بالساكن، وهذا ما لا حاجة إليه، وللردِّ عليهم موضع أَلْيَقُ به.
ووزن اهْدِ: افْعِ، حُذِفَت لامُه وهي الياء حَمْلاً للأمر على المجزوم والمجزوم تُحذف منه لامُه إذَا كَانَتْ حرفَ علةٍ.
والهدايةُ: الإرشادُ أو الدلالةُ أو التقدمُ، ومنه هَوادِي الخيل لتقدُّمِها قال امرؤ القيس:
٦٧- فَأَلْحَقَه بالهاديات ودونَه * جواحِرُها في صَرَّةٍ لم تَزَيًّلِ
أو التبيينُ نحو: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ﴾ أي بَيَّنَّا لهم، أو الإلهامُ، نحو: ﴿أَعْطَى كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ أي ألهمه لمصالِحه، أو الدعاءُ كقوله تعالى: ﴿وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ أي داعٍ. وقيل هو المَيلُ، ومنه ﴿إِنَّا هُدْنَآ إِلَيْكَ﴾ والمعنى: مِلْ بقلوبنا إليك، وهذا غَلَطٌ، فإنَّ تَيْكَ مادة أخرى من هادَ يَهُود. وقال الراغب: "الهدايةُ دَلالةٌ بلطفٍ ومنه الهَدِيَّةُ وهوادي/ الوحش أي المتقدِّماتُ الهاديةُ لغيرها، وخُصَّ ما كان دلالةً بَهَدَيتُ، وما كان إعطاءً بأَهْديت.
والصراطُ: الطريقُ المُسْتَسْهَل، وبعضُهم لا يقيِّدُه بالمستسهلِ، قال:
٦٨- فَضَلَّ عن نَهْج الصراطِ الواضِحِ
ومثله:
٦٩- أميرُ المؤمنين على صِراطٍ * إذا اعْوَجَّ المَوارِدُ مستقيمِ
وقال آخر:
٧٠- شَحَنَّا أرضَهم بالخيلِ حتى * تَرَكْناهُمْ أَذَلَّ من الصِّراطِ
أي الطريق، وهو مشتق من السِّرْطِ، وهو الابتلاعُ: إمَّا لأن سالكه يَسْتَرِطه أو لأنه يَسْتَرِط سالكَه، ألا ترى إلى قولهم: "قَتَلَ أرضاً عالِمُها وقتلت أرضٌ جاهلَهَا"، وبهذين الاعتبارين قال أبو تمام:
٧١- رَعَتْه الفيافي بعدما كان حِقْبةً * رعاها وماءُ المُزْنِ يَنْهَلُّ ساكِبُهْ
(١/٤٠)
---


الصفحة التالية
Icon