والقَبَسُ: الجَذْوَةُ من النار، وهي الشُّعْلةُ في رأسِ عُوْدٍ أو قَصَبةٍ ونحوِهما. وهو فَعَلٌ بمعنى مَفْعول كالقَبَض والنَّقَضِ بمعنى المَقْبوض والمَنْقوض. ويقال: أَقْبَسْتُ الرجلَ علماً وقَبَسْتُه ناراً، ففرقوا بينهما، هذا قولُ المبردِ. وقال الكسائيُّ: إن فَعَلَ وأَفْعَلَ يُقالان في المعنيين، فيقال: قَبَسْتُه ناراً وعلماً، وأَقْبَسْته أيضاً عِلْماً وناراً.
وقوله ﴿مِّنْهَا﴾ يجوز أَنْ يتعلق/ بـ "آتِيكم" أو بمحذوفٍ على أنه حالٌ مِنْ قَبَس. وأمال بعضُهم ألفَ "وهدى" وقفاً. والجيدُ أَنْ لا تُمالَ لأنَّ الأشهر أنها بدلٌ من التنوين.
* ﴿ فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ يامُوسَى ﴾
قوله: ﴿نُودِيَ﴾: القائمُ مَقامَ الفاعلِ ضميرُ موسى، وقيل: ضميرُ المصدرِ أي: نُودي النداء. وهو ضعيفٌ، ومنعوا أن يكونَ القائمُ مَقامه الجملةَ مِنْ "يا موسى"؛ لأنَّ الجملةَ لا تكونَ فاعلاً.
* ﴿ إِنِّيا أَنَاْ رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ﴾
قوله: ﴿إِنِّيا﴾: قرأ ابن كثير وأبو عمرو بالفتح، على تقديرٍ الباءِ بأني؛ لأنَّ النداءَ يُوْصَلُ بها تقول: نادَيْتُه بكذا. قال الشاعر: ـ أنشده الفارسيُّ ـ
٣٢٧٦ـ نادَيْتُ باسمِ ربعيةَ بنِ مُكَدَّمٍ * إنَّ المُنَوَّهَ باسمِه المَوْثُوْقُ
وجَوَّز ابنُ عطية أن يكون بمعنى لأجْلِ. وليس بظاهر. والباقون بالكسرِ: إمَّا على إضمارِ القولِ كما هو رأيُ البصريين، وإمَّا لأنَّ النداءَ في معنى القولِ عند الكوفيين.
وقوله: ﴿أَنَاْ﴾ يجوزُ أن يكونَ مبتدأ، وما بعده خبرُه، والجملةُ خبرُ "إنَّ". ويجوزُ أن يكونَ توكيداً للمضيرِ المنصوب، ويجوزُ أَنْ يكونَ فَصْلاً.
(١٠/١٨٦)
---