٣٢٨٦ـ فلا تغْضَبَنْ مِنْ سِيرَةٍ أنت سِرْتَها * فأولُ راضٍ سيرةً مَنْ يَسِيرُها
وجَوَّز أيضاً أن ينتصبَ بفعلٍ مضمرٍ أي: يسير سيرتَها الأولى، وتكون هذه الجملةُ المقدرةُ في محلِّ نصبٍ على الحال أي: سنيعدها سائرةً سيرتَها.
* ﴿ وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُواءٍ آيَةً أُخْرَى ﴾
قوله: ﴿وَاضْمُمْ﴾: لا بدَّ مِنْ حَذْف، والتقدير: واضمُمْ يَدك تنضمَّ، وأَخْرِجْها تَخْرُجْ، فحذف من الأول والثاني، وأبقى مقابلَيْهما ليدلا على ذلك إيجازاً واختصاراً، وإنما احتيج إلى هذا لأنه لا يترتَّبُ على مجردِ الضمِّ الخروجُ.
قوله: ﴿بَيْضَآءَ﴾ حالٌ مِنْ فاعل "تَخْرُجْ".
قوله: ﴿مِنْ غَيْرِ سُواءٍ﴾ يجوز أن يكونَ متعلِّقاً بـ"تخرجْ"، وأن تكونَ متعلقةً بـ"بيضاءَ" لِما فيها من معنى الفعل نحو: ابيضَّتْ من غيرِ سوءٍ. ويجوز أن تكونَ متعلقةً بمحذوفٍ علىأنها حال من الضمير في "بيضاء". وقوله: ﴿مِنْ غَيْرِ سُواءٍ﴾ يُسَمَّى عند أهل البيان "الاحتراس" وهو: أن يؤتى بشيءٍ يرفعُ تَوَهُّمَ مَنْ يتوهَّمُ غيرَ المراد؛ وذلك أن البياضَ قد يُرادُ به البَرَصُ والبَهَقُ، فأتى بقوله: ﴿مِنْ غَيْرِ سُواءٍ﴾ نفياً لذلك.
قوله: ﴿آيَةً﴾ فيها أوجهٌ، أحدها: أن تكونَ حالاً أعنى أنها بدلٌ مِنْ "بيضاءَ" الواقعةِ حالاً. الثاني: أنها حالٌ من الضمير في "بيضاءَ". الثالث: أنها حلٌ من الضمير في الجارِّ والمجرور. الرابع: أنها منصوبةٌ بفعلٍ محذوفٍ. فقدَّره أبو البقاء: جَعَلْناها آيةً، أو آتَيْناك آيةً. وقَدَّره الزمخشري: خُذْ آيةً، وقدذَر أيضاً: دنوكَ آية. وردَّ الشيخ ُ هذا: بأن من باب الإِغراء. ولا يجوز إضمارُ الظروفِ في الإِغراء. قال: لأنَّ العاملَ حُذِفَ، وناب هذا مَنابَه فلا يجوز أن يُحْذَفَ النائبُ أيضاً. وأيضاً فإنَّ أحكامَها تخالفُ العاملَ الصريحَ، فلا يجوز إضمارُها، وإنْ جاز إضمارُ الأفعال.
(١٠/١٩٤)


الصفحة التالية
Icon