وقُرِىء "كَتَبَ" مبنياً للفاعلِ أي: كَتَبَ اللهُ. فـ"أنَّ" وةما في حَيِّزها في محل نصب على المفعول به، وباقي الآية على ما تقدم.
وقرأ الأعمش والجعفي عن أبي عمرو "إنه" فإنه" بكسرِ الهمزتين. وقال ابن عطية: "وقرأ أبو عمروٍ "إنَّه" "فإنه" بالكسر فيهما"، وهذا يُوْهم أنَّه مشهورٌ عنه وليس كذلك. وفي تخريجِ هذه القراءةِ/ ثلاثةُ أوجهٍ ذكرها الزمخشري وهي: أَنْ تكونَ على حكايةِ المكتوبِ كما هو، كأنه قيل: كُتِب يكونَ على إضمار "قيل". الثالث: أنَّ "كُتِبَ" فيه معنى قيل. قال الشيخ: أمَّا تقديرُ "قيل" يعني فيكون "عليه" في موضعِ مفعولِ ما لم يُسَمَّ فاعلُه و"أنه مَنْ تولاَّه" الجملةُ مفعولٌ لم يُسَمَّ لـ قيل المضمرة. وهذا ليس مذهبَ البصريين فإن الجملة عندهم لا تكون فاعلاً ولا تكون مفعولَ ما لم يُسَمَّ فاعلُه" وكأنَّ الشيخَ قد اختارَ ما بدأ به الزمخشريُّ أولاً، وفيه ما فَرَّ منه: وهو أنه أسندَ الفعلَ إلى الجملةِ فاللازمُ مُشْتَرَكٌ. وقد تقدَّم تقريرُ مثلِ هذا في أولِ البقرة. ثم قال: "وأمَّا الثاني يعني أنه ضُمِّنَ "كُتِب" معنى القول فليس مذهبَ البصريين لأنَّه لا تُكْسَرُ "إنَّ" عندهم" إلاَّ بعد القول الصريح لا ما هو بمعناه".
والضميران في "عليه" و"أنه" عائدان على "مَنْ" الأولى كما تقدَّم، وكذلك الضمائرُ في "تَوَلاَّه" و"فأنه"، والمرفوعُ في "يُضِلُّه" و"يَهْديه"؛ لأنَّ "مَنْ الأول هو المحدَّثُ عنه. والضميرُ المرفوعُ في "تَوَلاَّه" والمنصوبُ ف ي"يُضِِلُُّه" و"يَهْدِيه" عائدٌ على "مَنْ" الثانيةِ. وقيل: الضميرُ في "عليه" لكلِّ شيطانٍ. والضميرُ في "فأنَّه" للشأن. وقال ابن عطية: "الذي يَظْهَرُ لي أنَّ الضميرَ الأولَ في "أنَّه" يعودُ على كل شيطان، وفي "فأنَّه" يعودُ على "مَنْ" الذي هو المُتَوَلِّي".
(١٠/٣٥٣)
---


الصفحة التالية
Icon