* ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآُخِرَةَ ذالِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾
قوله: ﴿عَلَى حَرْفٍ﴾: حالٌ من فاعل "يَعْبُدُ" أي: مُتَزَلْزلاً. ومعنى "على حرف" أي: على شك أو على انحرافٍ، أو على طرفِ الدين لا في وسطه، كالذي يكونُ في طرف العَسْكَر: إنْ رأى خيراً ثبت وإلاَّ فرَّ.
قوله: ﴿خَسِرَ﴾ قرأ العامَّةُ "خَسِرَ" فعلاً ماضياً. وهو يحتملُ ثلاثةَ أوجهٍ: الاستئنافَ، والحاليةَ مِنْ فاعلِ، "انقلبَ"، ولا حاجةَ إلى إضمارِ "قد" على الصحيحِ، والبدليةُ مِنْ قولِه "انقلَبَ"، كما أبدل المضارعَ مِنْ مثِله في قوله: ﴿يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ
﴾. وقرأ مجاهدٌ والأعرجُ وابنُ محيصن والجحدري في آخرين "خاسِرَ" بصيغة سم فاعلٍ منصوبٍ على الحال، وهي تؤيدُ كونَ الماضي في قراءةِ العامَّةِ حالاً. وقُرِىء برفعهِ. وفيه وجهان، أحدُهما: أَنْ يكونَ فاعِلاً بـ"انقلبَ" ويكونُ مْنْ وَضْعِ الظاهرِ مَوْضِعَ المضمرِ أي: انقلب خاسرُ الدنيا. والأصلُ: انقلبَ هو. والثاني: أنه خبرُ مبتدأ محذوفٍ أي: هو خاسرُ. وهذه القراءةُ تُؤَيِّدُ الاستئنافَ في قراءةِ المُضِيِّ على التخريج الثاني. وحَقُّ مَنْ قَرَأ "خاسر" رفعاً ونصباً أَنْ يَجُوزُّ "الآخرةِ" لعطفِها على "الدنيا" المجرورِ بالإِضافةِ. ويجوز أن يبقى النصبُ فيها؛ إذ يجوزُ أَنْ تكونَ "الدنيا" منصوبةً. وإنما حُذِفَ التنوينُ من "خاسر" لا لتقاءِ الساكنين نحو قولِه:
٣٣٧٤ـ................... * ولا ذاكرَ اللهَ إلاَّ قليلا
* ﴿ يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ ﴾
(١٠/٣٦٠)
---