قال الشيخ: "وهذا مذهبُ سيبويهِ يعني أنها للجزاءِ والجوابِ معاً. قال: ولكنَّ شُرَّاح الكتابِ فهموا أنَّه قد تتخلَّفُ عن الجزاءِ، والجوابُ معنىً لازمٌ لها".
* ﴿ فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾
قوله: ﴿لَمَّا خِفْتُكُمْ﴾: العامَّة على تشديدِ الميم وهي "لَمَّا: التي هي حرف وجوبٍ عند سيبويهِ أو بمعنى حين عند الفارسي. وروي عن حمزةَ بكسرِ اللام وتخفيف الميم أي: لتخَوُّفي منكم. و"ما" مصدريةٌ. وهذه القراءةُ تُشْبِهُ قراءتَه في آل عمران: "لِما آتَيْتُكم" وقد تقدَّمَتْ مستوفاةً. وقرأ عيسى "حُكُماً" بضمِّ الكاف إتباعاً.
* ﴿ وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾
قوله: ﴿وَتِلْكَ نِعْمَةٌ﴾: فيه وجهان أحدُهما: أنه خبرٌ على سبيلِ التهكُّمِ أي: إن كانَ ثَمَّ نعمةُ فليسَتْ إلاَّ أنَّك جَعَلْتَ قومي عبيداً لك. وقيل: حرفُ الاستفهام محذوفٌ لفهمِ المعنى أي: أو تلك وهذا مذهب الأخفش، وجَعَلَ مِنْ ذلك قولَ الشاعر:
٣٥٠٩ـ أفرحُ أَنْ أُرْزَأَ الكرامَ.......... *...........................
وقد تقدَّم هذا مشبعاً في سورة النساء عند قوله تعالى: ﴿وَمَآ أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ﴾ وفي غيرِه.
(١١/١٩٦)
---


الصفحة التالية
Icon