قوله: ﴿يَوْمَ لاَ يَنفَعُ﴾: بدلٌ مِنْ "يوم" قبلَه. وجعل بانُ عطيةَ هذا من كلامِ اللهِ تعالى إلى آخر الآياتِ مع إعرابِه "يومَ لا ينفعُ" بدلاَ مِنْ "يوم يُبْعَثون". ورَدَّه الشيخُ: بأنَّ العامِلَ في البدلِ هو العامِلُ في المبدلِ منه، أو آخرُ مثلُه مقدَّرٌ. وعلى كِلا هذين القولَين لا يَصِحُّ لاختلافِ المتكلِّمين.
* ﴿ إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾
قوله: ﴿إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ﴾: فيه أوجهٌ، أحدُها: أنه منقطِعٌ أي: لكنْ مَنْ أتى اللهَ بقَلْبٍ سليمٍ فإنه ينفَعُه ذلك. وقال الزمخشري: "ولا بُدَّ لك مع ذلك مِنْ تقديرِ مضافٍ وهو الحالُ المرادُ بها السلامةُ، وليست من جنسِ المالِ والبنينَ، حتى يَؤول المعنى إلى: أنَّ البنينَ والمالَ لا ينفعانِ، وإنما ينفعُ سَلامةُ القلبِ، ولو لم يُقَدَّرِ المُضافُ لم يَتَحصَّلْ للاستثناءِ معنى".
قال الشيخ: "ولا ضرورةَ تَدْعُو ألى حذفِ المضافِ كما ذكر". قلت: إنما قَدَّرَ المضافَ لُتَوَهَّمَ دخولُ المستثنى في المستثنى منه؛ لأنه متى لم يُتَوَهَّمْ ذلك لم يَقعِ الاستثناءُ، ولهذا مَنَعوا: "صَهَلَتِ الخيلُ إلاَّ الإِبِلَ" إلاَّ بتأويلٍ.
الثاني: أنه مفعولٌ به لقوله: "لا يَنْفَعُ" أي: لا ينفعُ المالُ والبنونَ إلاَّ هذا الشخصَ فإنه ينفَعُه فإنه ينفَعُه مالُه المصروفُ في وجوهِ البِرِّ، وبنوه الصلحاءُ، لأنه عَلَّمهم وأحسنَ إليهم. الثالث: أنه بدلٌ مِن المفعولِ المحذوفِ، أو مستثنى منه، إذ التقديرُ: لا ينفعُ مالٌ ولا بنونَ أحداً من الناس إلاَّ مَنْ كانت هذه صفتَه. والمستثنى منه يُحْذَفُ كقوله:
٣٥٢٠ـ....................... * ولم يَنْجُ إلاَّ جَفْنَ سيفٍ ومِئْزرا
(١١/٢٠٨)
---