---
* ﴿ كَذَّبَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ ﴾
قوله: ﴿الأَيْكَةِ﴾: قرأ نافع وابنُ كثير وابن عامر "لَيْكَةَ" بلامٍ واحدةٍ وفتح التاء. جعلوهن اسماً غيرَ مُعَرَّفٍ بأل مضافاً إليه "أصحاب" هنا، وفي ص خاصة. والباقون "الأَيْكَةِ" مُعَرَّفاً بأل موافقةً لِما أُجْمِعَ عليه في الحجر وفي ق.
وقد اضْطَرَبَتْ أقوالُ الناسِ في القراءةِ الأُولى. وتجرَّأَ بعضُهم على قارئها، وسأذكر لك من ذلك طرفاً. فَوَجْهُها على ما قال أبو عُبيد: "أَنَّ لَيْكَةَ اسمٌ للقريةِ التي كانوا فيها، والأيْكَةَ اسمٌ للبلدِ كله. قال أبو عبيد: " لا أُحِبُّ مفارقَةَ الخَطِّ في شيءٍ من القرآنِ إلاَّ ما يَخْرُج من كلامِ العربِ، وهذا ليسَ بخارجٍ من كلامِها مع صحةِ المعنى في هذه الحروفِ؛ وذلك أنَّا وَجَدْنا في بعضِ التفسيرِ الفرقَ بين لَيْكة والأَيْكة فقيل: لَيْكة هي اسمُ القرية التي كانوا فيها، والأَيْكَةُ: البلادُ كلُّها فصار الفرقُ بينهما شبيهاً بما بين بَكَّة ومَكَّة، ورَأَيْتُهُنَّ مع هذا في الذي يقال: إنه الإِمامُ مصحفُ عثمانَ مفتَرِقاتٍ، فوجَدْتُ التي في الحجز والتي في ق "الأَيْكَة"، ووَجَدْتُ التي في الشعراءِ والتي في ص "لَيْكَة"، ثم اجْتَمَعَتْ عليها مصاحفُ الأمصارِ بعدُ، فلا نَعْلَمُها اختلفَتْ فيها. وقرأ أهلُ المدينةِ على هذا اللفظِ الذي قَصَصْنا يعني بغيرِ ألفٍ ولامٍ ولا إجراءٍ". انتهى ماقاله أبو عبيد. قال الشيخ شهاب الدين أبو شامة بعدما نقَلْتُه عنه: "هذه عبارتُه وليسَتْ سديدةَ؛ فإن اللامَ موجودةٌ في "لَيْكة" وصوابُه بغير ألفٍ وهمزةٍ". قلت: بل هي سديدةٌ. فإنه يعني بغيرِ ألفٍ ولامِ معرفةٍ لا مُطْلقَ لامِ في الجملة.
(١١/٢١٧)
---


الصفحة التالية
Icon