وأمَّا قراءةُ ابنِ عباس فكقراءةِ ﴿ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ﴾ وكقول لبيد:
٣٥٣٥ـ فمضَى وقدَّمها وكانت عادَةً * منه إذا هي عَرَّدَتْ إقدامُها
إمَّا لتأنيثِ الاسمِ لتأنيِث [الخبر]، وإمَّا لأنه بمعنى المؤنث. ألا ترى أنَّ "أَنْ يعلَمَه" في قوةِ "المعرفةِ" و"إلاَّ أَنْ قالوا" في قوة "مقالتهم" وإقدامها "بإقدامها".
وقرأ الجحدريُّ: "أَنْ تعلمَه" بالتاء من فوق. شَبَّه البنين بجمع التكسير في تغيُّر واحدِه صورةً، فعامَلَ فعلَه المسندَ إليه معاملةَ فعلِه في لَحاقِ علامةِ التأنيثِ. وهذا كقوله:
٣٥٣٦ـ قالَتْ بنو عامرٍ خالُوامم بني أَسَدٍ * يا بؤسَ للجَهْلِ ضَرَّاراً لأَقْوامِ
وكتبوا في الرسم الكريم "عُلَمؤا" بواو الميمِ والألف. قيل: هو على لغة مضنْ يُميل الألفَ نحو الواوِ، وهذا كما فُعِلَ في الصلاةِ والزكاةِ.
* ﴿ وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الأَعْجَمِينَ ﴾
قوله: ﴿الأَعْجَمِينَ﴾: قال صاحب "التحرير": "الأعْجَمين جمع أعجمي بالتخفيف. ولولا هذا التقديرُ لم يَجُزْ أَنْ يُجمعَ جَمْعَ سلامةٍ" قلت: وكان سببُ مَنْعِ جمعهِ: أنه من بابِ أَفْعَل فَعْلاء كأَحْمرا حَمْراء. والبصريون لا يُجيزون جَمْعَه جمعَ سلامة إلاَّ ضرورةً كقوله:
٣٥٣٧ـ....................... * حلائلَ أَسْوَدِيْنَ وأَحْمَرينا
فلذلك قَدَّره منسوباً فخففَ الياء. وقد جعله ابنُ عطية جمعَ أَعْجَم فقال: ألأَعْجَمون جمعُ أَعْجَمُ/ هو الذي لا يُفْصِحُ، وإن كان عربيَّ النسبِ يقال له "أعجمُ" وذلك يقال للحيوانات. ومنه قوله صلَّى الله عليه وسلَّم :"جُرْحُ العجماء جُبار". وأسند الطبريُّ عن عبدِالله بن مطيع: أنه كان واقفاً بعرفةَ وتحته جَمَلٌ فقال: جملي هذا أعجمُ، ولو أنه أُنْزِل عليه ما كانوا يُؤْمِنون. والعَجَمِيُّ: هو الذي نِسْبَتُه في العَجَمِ، وإن كان أفصحَ الناسِ".
(١١/٢٢٥)
---