}. وقرأ ابن أبي عبلة "كتابٌ مبينٌ" برفعِهما، عطفٌ على "آياتُ" المُخْبِرِ بها عن "تلك". فإن قيل: كيف صَحَّ أَنْ يُشارَ لاثنين، أحدُهما مؤنثٌ، والآخرُ مذكرٌ باسم إشارةِ المؤنثِ ولو قلتَ: "تلك هندٌ وزيدٌ" لم يَجُزْ؟ فالجواب من ثلاثةِ أوجه: أحدُها: أنَّ المرادَ بالكتابِ هو الآياتُ؛ لأنَّ الكتابَ عبارةٌ عن آياتٍ مجموعةٍ فلمَّا كانا شيئاً واحداً/ صَحَّتْ الإِشارةُ إليما بإشارةِ الواحدِ المؤنثِ. الثاني: أنَّه على حَذْفِ مضافٍ أي: وآياتٌ كتابٍ مبين. الثالث: أنه لَمَّا وَليَ المؤنثَ ما يَصِحُّ الإِشارةُ به إليه اكتُفي به وحَسُنَ، ولو أُوْلِيَ المذكرَ لم يَحْسُنْ. ألا تراك تقولُ: "جاءَتْني هندٌ وزيدٌ" ولو حَذَفْتَ "هند" أو أَخَّرْتَها لم يَجُزْ تأنيثُ الفعلِ.
* ﴿ هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾
قوله: ﴿هُدًى وَبُشْرَى﴾: يجوزُ فيهما أوجهٌ، أحدُها: أنَّ يكونا منصوبَيْنِ على المصدرِ بفعلٍ مقدرٍ مِنْ لفظِهما أي: يَهْدي هُدَي هُدَىً ويُبَشِّر بُشْرَى. الثاني: أن يكونا في موضعِ الحالِ من "آياتُ". والعاملُ فيها ما في "تلك" مِنْ معنى الإِشارةِ. الثالث: أَنْ يكونا في موضعِ الحالِ من "القرآن". وفيه ضعفٌ من حيث كونُه مضافاً إليه. الرابع: أَنْ يكونَ حالاً من "كتاب" في قراءة مَنْ رَفَعه. ويَضْعُفُ في قراءة مَنْ جرَّه لِما تقدَّمَ مِنْ كونِه في حكمِ المضافِ إليه لعَطْفِه عليه. الخامس: أنهما حالان من الضميرِ المستترِ في "مبين" سواءً رَفَعْتَه أم جَرَرْتَه. السادس: أَنْ يكونا بَدَلَيْن مِنْ "آيات". السابع: أَنْ يكونا خبراً بعد خبر. الثامن: أن يكونا خبرَيْ ابتداءٍ مضمرٍ أي: هي هدىً وبُشْرى.
* ﴿ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾
(١١/٢٣٧)
---