قوله: ﴿الأَخْسَرُونَ﴾ في أَفْعَل قولان، أحدهما: ـ وهو الظاهرُ ـ أنَّها على بابِها من التفضيل، وذلك بالنسبةِ إلى الكفَّار من حيث اختلافُ الزمانِ والمكانِ. يعني: أنَّهم أكثرُ خُسْراناً في الآخرةِ منهم في الدنيا، أي: إنَّ خُسْرانَهم في الآخرة أكثرُ من خُسْرانِهم في الدنيا. وقال جماعةٌ منهم الكرماني: "هي هنا للمبالغةِ لا للشِّرْكة؛ لأن المؤمنَ لا خُسْران له في الآخرةِ البتة". وقد تقدَّم جوابُ ذلك: وهو أنَّ الخسرانَ راجعٌ إلى شيءٍ واحدٍ. باعتبارِ اختلافِ زمانهِ و مكانِه.
وقال ابن عطية: "الأَخْسرون" جمع "اَخْسَر" لأنَّ أَفْعَلَ صفةٌ لا يُجْمَعُ، إلاَّ أن يُضافَ فَتَقْوى رتبتُه في الأسماء، وفي هذا نظرٌ". قال الشيخ: "ولا نظرَ في أنَّه يُجمع جَمْعَ سلامةٍ أو جمعَ تكسيرٍ إذا كان بأل، بل لا يجوزُ فيه إلاَّ ذلك، إذا كان قبله ما يُطابِقُه في الجمعيَّةِ. فتقول: "الزيدون هم الأفضلون والأفاضل" و"الهندات هنَّ الفُضْلَياتُ، والفُضُلُ. وأمَّا قوله: "لا يُجْمَعُ إلاَّ أَنْ يُضَافَ" فلا يَتَعَيَّنُ إذ ذاك جَمْعُه، بل إذا أُضيف إلى نكرةٍ لا يجوزُ جَمْعُه، وإن أضيف إلى معرفةٍ جاز في الجمعُ والإِفرادُ".
* ﴿ وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ ﴾
قوله: ﴿لَتُلَقَّى﴾: "لَقِيَ" مخفَّفاً يتعدَّى لواحدٍ، وبالتضعيف يتعدَّى لاثنين فأُقيم أَوَّلُهما هنا مُقامَ الفاعلِ، والثاني "القرآنَ". وقول من قال: إنَّ أصلَه تَلَقَّنَ بالنون/ تفسيرُ معنىً فلا يَتَعَلَّقُ به مُتَعَلَّقٌ، فإنَّ النونَ أُبْدِلَتْ حرفَ علةٍ.
* ﴿ إِذْ قَالَ مُوسَى لأَهْلِهِ إِنِّيا آنَسْتُ نَاراً سَآتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ﴾
(١١/٢٣٩)
---


الصفحة التالية
Icon