وجَعَلَ الزجاجُ أنَّ "في" بمعنى "مِنْ" قال: كما تقول: خُذْ لي من الإِبلِ عشراً فيها فَحْلان أي: منها فَحْلان".
قولُه: ﴿إِلَى فِرْعَوْنَ﴾ هذا متعلِّقٌ بما تَعَلَّقَ به "في تسعِ"، إذا لم تَجْعَلْه حالاً، فإنْ جَعَلْناه حالاً عَلَّقْناه بمحذوفٍ، فقدَّره أبو البقاء "مُرْسَلاً إلى فرعون". وفيه نظرٌ؛ لأنَّه كونٌ مقيدٌ وسبَقَه إلى هذا التقديرِ الزجاجُ، وكأنهما أرادا تفسيرَ المعنى دونَ الإِعرابِ. وجَوَّزَ أبو البقاء أيضاً أن تكونَ صفةً لآيات، وقدَّره: "واصلةً إلى فرعونَ". وفيه ما تقدَّم.
* ﴿ فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُواْ هَاذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴾
قوله: ﴿مُبْصِرَةً﴾: حالٌ، ونَسَبَ الإبصارَ إليها مجازاً؛ لأنَّ بها تُبْصِرُ، وقيل: بل هي مِنْ أَبْصَرَ المنقولةِ بالهمزةِ مِنْ بَصِرَ أي: إنها تُبْصِرُ غيرَها لِما فيها من الظهور. ولكنه مجازٌ آخرُ غيرُ الأولِ، وقيل: هو بمعنى مفعول نحو: ماءٌ دافِقٌ أي: مَدْفُوق. وقرأ علي بن الحسين وقتادة بفتح الميم والصادِ أي: على وزنِ "أَرْضٌ مَسْبَعَةٌ" ذاتُ سِباع، ونصبُها على الحالِ أيضاً، وجَعَلها أبو البقاء في هذه القراءةِ [مفعولاً مِنْ أجله. وقد تَقَدَّم ذلك].
* ﴿ وَجَحَدُواْ بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ﴾
قوله: ﴿وَاسْتَيْقَنَتْهَآ﴾: يجوزُ أَنْ تكونَ هذه الجملةُ معطوفةً على الجملةِ قبلَها. ويجوزُ أَنْ تكونَ حالاً مِنْ افعلِ "جَحَدُوا" وهو أبلغُ في الذَّمِّ. اسْتَفْعل هنا بمعنى تَفَعَّل نحو: اسْتَعظم واسْتَكْبر، بمعنى: تَعَظَّم وتَكَبَّر.
(١١/٢٤٦)
---