قوله: ﴿يُوزَعُونَ﴾ أي: يُمْنَعون ويُكَفُّون. والوَزْعُ: الكَفُّ والحَبْسُ، يقال: وَزَعَه يَزَعُهُ فهو وازِعٌ ومَوْزُوْع، وقال عثمان رضي الله عنه: "ما يَزَعُ السلطانُ أكثرُ مِمَّا يَزَغُ القرآنُ" وعنه:/ "لا بُدَّ للقاضي مِنْ وَزَغَةٍ"..
وقال الشاعر:
٣٥٤٤ـ ومَن لم يَزَغْه لُبُّه وحَياؤُه * فليس له مِنْ شَيْبِ فَوْدَيْه وازِعُ
وقوله: ﴿أَوْزِعْنِيا أَنْ أَشكُرَ﴾ بمعنى: أَلْهِمْني، من هذا؛ لأن تحقيقَه: اجعلني أَزَعُ نفسي عن الكفر.
* ﴿ حَتَّى إِذَآ أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ ياأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ﴾
قوله: ﴿حَتَّى إِذَآ﴾: في المُغَيَّا بـ"حتى" وجهان، أحدهما: هو يُوْزَعُون؛ لأنَّه مُضَمَّنٌ معنى: فهم يسيرون ممنوعاً بعضُهم مِنْ مفارقةِ بعضٍ حتى إذا. والثاني: أنَّه محذوفٌ أي: فسارُوا حتى. وتقدَّم الكلامُ في "حتى" الداخلةِ على "إذا" هل هي حرفُ ابتداءٍ أو حرفُ جرّ؟
قوله: "وادي" متعلقٌ بـ"أَتَوْا" وإنما عُدِّيَ بـ"على" لأنَّ الواقعَ كذا؛ لأنَّهم كانوا محمولْينَ على الرِّيح فهم مُسْتَعْلُون. وقيل: هو مِنْ قولِهم: أَتَيْتُ عليه، إذا اسْتَقْصَيْتَه إلى آخره والمعنى: أنهم قَطَعوا الواديَ كلَّه وبَلَغُوا آخرَه. ووقف القُراءُ كلُّهم على "وادٍ" دونَ ياءٍ اتِّباعاً للرَّسْمِ، ولأنها محذوفةٌ لفظاً لالتقاءِ السكانين في الوصلِ، ولأنها قد حُذِفَتْ حيث لم تُحْذَفْ لالتقاءِ السكانين نحو: ﴿جَابُواْ الصَّخْرَ بِالْوَادِ﴾ فَحَذُفها وقفاً ـ وقد عُهِدَ حَذْفُها دونَ التقاءِ ساكنين ـ أَوْلَى. إلاَّ الكسائيَّ فإنه وَقَفَ بالياء قال: "لأنَّ المُوْجِبَ للحذفِ إنما هو التقاءُ سكانين بالوصلِ، وقد زالَ فعاَدتِ اللامُ"، واعتَذَر عن مخالفةِ الرسمِ بقوةِ الأصلِ.
(١١/٢٤٨)
---