قوله: ﴿ذَلِكَ﴾: مبتدأٌ. والإِشارةُ به إلى ما تعاقَدَا عليه، والظرفُ خبرُه. وأُضِيْفَتْ "بين" لمفرِدٍ لتكررِها عطفاً بالواوِ. ولو قلتَ: "المالُ بين زيدٍ فعمروٍ" لم يَجُزْ. فأمَّا قولُه:
٣٥٩٩ـ.................... *............ بين الدَّخولِ فَحَوْمَلِ
فكان الأصمعيُّ يَأْباها ويَرْوي "وحَوْمَلِ" بالواو. والصحيحُ بالفاءِ، وأوَّلَ البيتَ على: "الدَّخولِ وَحَوْمَلِ" مكانان كلٌّ منهما مشتملٌ على أماكنَ، نحو قولِك: "داري بين مصرَ" لأنه به المكانُ الجامع. والأصل: ذلك بَيْنَنا، ففرَّق بالعطف.
قوله: ﴿أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ﴾ "أيّ" شرطيةٌ. وجوابُها "فلا عُدْوانَ" عليَّ. وفي "ما" هذه قولان، أشهرُهما: أنها زائدةٌ كزيادتِها في أخواتِها مِنْ أدواتِ الشرط. والثاني: أنها نكرةٌ. والأَجَلَيْن بدلٌ منها. وقرأ الحسن وأبو عمروٍ في رواية "أَيْما" بتخفيفِ الياءِ، كقوله:
٣٦٠٠ـ تَنَظَّرْتُ نَصْراً والسِّماكَيْنِ أَيْهُما * عليَّ من الغَيْثِ اسْتَهَلَّتْ مواطِرُهْ
وقرأ عبدالله "أَيَّ الأَجَلَيْنِ ما قَضَيْتُ" بإقحام "ما" بين "الأجلين" و"قَضَيْتُ". قال الزمخشري: "فإنْ قلتَ: ما الفرقُ بين موقعَيْ زيادةِ "ما" في القراءتين؟ قلت: وقعَتْ في المستفيضة مؤكِّدةً لإِبهامِ "أيّ" زائدةً في شِياعِها، وفي الشاذَّة تأكيداً للقضاءِ كأنه قال: أيَّ الأجلين صَمَّمْتُ على قضائه، وجَرَّدْت عَزيمتي له".
(١١/٣١٨)
---