الخَوَّارُ: الذي يتقصَّفُ. الدَّعِرُ: الذي فيه لَهَبٌ، وقد وَرَدَ ما يقتضي وجودَ اللهبِ فيه. قال الشاعر:
٣٦٠٣ـ وأَلْقَى على قَبْسٍ من النارِ جَذْوةً * شديداً عليها حَمْيُها والتهابُها
وقيل: الجَذْوَة: العُوْدُ الغليظُ سواءً كان في رأسه نارٌ أم ليم يكنْ، وليس المرادُ هنا إلاَّ ما في رأسِه نارٌ.
قوله: ﴿مِّنَ النَّارِ﴾ صفةٌ لـ جَذْوَةٍ، ولا يجوزُ تَعَلُّقها بـ"آتِيْكُمْ" كما تَعَلَّق به "منها"؛ لأنَّ هذه النارَ ليسَتْ النارَ المذكورةَ، والعربُ إذا تقدَّمَتْ نكرةٌ وأرادَتْ إعادَتَها أعادَتْها مضمرةً، أو معرَّفَةً بـ أل العهديةِ، وقد جُمِع الامران هنا.
* ﴿ فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِىءِ الْوَادِي الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يامُوسَى إِنِّيا أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾
قوله: ﴿مِن شَاطِىءِ﴾: "مِنْ" لابتداءِ الغايةِ. والأَيْمن صفةٌ للشاطىء أو للوادي. والأَيمن من اليُمْن وهو البركة أو من اليمين المعادِلِ لليسار من العُضْوَيْن. ومعناه على هذا بالنسبة إلى موسى أي: الذي يَلي يمينَكَ دونَ يسارِك. الشاطىء ضفَّةُ الوادي والنهر أي حافَّتُه وطرفُه، وكذلك الشَّطُّ والسِّيْفُ والساحلُ كلُّها بمعنى. وجَمْعُ الشاطىء/ أشْطَاء قاله الراغب. وشاطَأْتُ فلاناً: ماشَيْتُه على الشاطىء.
قوله: ﴿فِي الْبُقْعَةِ﴾ متعلقٌ بـ"نُوْدِيَ" أو بمحذوفٍ على أنها حالٌ من الشاطىء. وقرأ العامَّةُ بضم الباء وهي اللغةُ العاليةُ. وقرأ مَسْلَمَةُ والأشهبُ العُقيلي بفتحها. وهي لغةٌ حكاها أبو زيدٍ. قال: "سَمِعْتُهم يقولون: هذه بَقْعَةٌ طيِّبةٌ".
قوله: ﴿مِنَ الشَّجَرَةِ﴾ هذا بدلٌ مِنْ "شاطىء" بإعادةِ العاملِ، وهو بدلٌ اشتمال.
قوله: ﴿أَن يامُوسَى﴾ "أنْ" هي المفسِّرةُ. وجُوِّز فيها أَنْ تكونَ المخخفةَ. وأسمُها ضيمرُ الشأنِ. وجملةُ النداءِ مفسِّرةٌ له. وفيه بُعدٌ.
(١١/٣٢٠)


الصفحة التالية
Icon