وقرأ ابن عباس وابن يعمر وقتادة وأبو رجاء وأبو حيوة وآخرون "عَوِرة" بكسرِ الواو، وكذلك ﴿وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ﴾ وهي اسمُ فاعلٍ يُقال: عَوِر المنزلُ يَعْوَر عَوْراً وعَوْرَة فهو عَوِر وبيوتٌ عَوْرَةٌ. قال ابن جني: "تصحيحُ الواوِ شاذٌ" يعني حيث تحرَّكَتْ وانفتح ما قبلها، ولم تُقْلَبْ ألفاً. وفيه نظرٌ لأنَّ شرطَ ذاك في الاسم الجاري على الفعلِ أَنْ يَعْتَلَّ فِعْلُه نحو: مَقام ومَقال. وأمَّا هذا ففعلُه صحيحٌ نحوَ: عَوِر. وإنما صَحَّ الفعلُ وإنْ كان فيه مُقْتضى الإِعلال لِمَدْرَكٍ آخرَ: وهو أنه في معنى ما لا يُعَلُّ وهو أَعْوَر ولذلك لم يُتَعَجَّبْ مِنْ عَوِر وبابه. وأَعْوَرَ المنزلُ: بَدَتْ عَوْرَتُه، وأَعْوَرَ الفارسُ: بدا منه خَلَلٌ للضربِ. قال الشاعر:
٣٦٨١- متى تَلْقَهم لم تَلْقَ في البيتِ مُعْوِراً * ولاَ الضيفَ مَسْجوراً ولا الجارَ مُرْسَلاً
* ﴿ وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُواْ الْفِتْنَةَ لآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُواْ بِهَآ إِلاَّ يَسِيراً ﴾
قوله: ﴿مِّنْ أَقْطَارِهَا﴾: الأَقْطار جمع قُطْر بضمِّ القاف، وهي الناحيةُ. وفيه لغةٌ: قُتْر وأَقْتار بالتاء. والقُطْر: الجانب أيضاً. ومنه قَطَرْتُه أي: أَلْقَيْتُه على قُطْرِه فَتَقَطَّر أي: وقع عليه. قال الشاعر:
٣٦٨٢- قد عَلِمَتْ سَلْمى وجاراتُها * ما قَطَّر الفارسَ إلاَّ أنا
وفي المَثَل "الانفضاض يقطر الحلب" تفسيرُه: أنَّ القومَ إذا انَفَضُّوا أي: فَني زادُهم احتاجوا إلى حَلْبِ الإِبلِ. وسُمِّي القَطْرا قَطْراً لسقوطِه.
(١٢/٢٤)
---


الصفحة التالية
Icon