وقرأ زيد بن علي بخفض راءَيْ "أصغر" و"أكبر" وهي مُشْكلةٌ جداً. وخُرِّجَتْ على أنهما في نية الإِضافة؛ إذ الأصلُ: ولا أصغرِه ولا أكبره، وما لا ينصرف إذا أُضيفَ انْجَرَّ في موضعِ الجرِّ، ثم حُذِفَ المضافُ إليه ونُوي معناه فَتُرِك المضَافُ بحالِه، وله نظائرُ كقولهم:
٣٧١١-............................. * بين ذراعَيْ وجَبْهَةِ الأسَدِ
و[قوله:]
٣٧١٢- يا تَيْمَ عَدِيٍّ............... *..........................
على خلافٍ. وقد يُفَرَّقُ: بأن هناك ما يَدُلُّ على المحذوفِ لفظاً بخلاف هنا. وقد رَدَّ بعضُهم هذا التخريجَ لوجود "مِنْ"؛ لأنَّ أفعلَ متى أُضيف لم يجامِعْ "مِنْ". وأُجيب عن ذلك بوجهين، أحدهما: أنَّ "مِنْ" ليسَتْ متعلقةً بـ أَفْعَل؛ بل بمحذوفٍ على سبيل البيانِ لأنه لَمَّا حُذِفَ المضافُ إليه انبهم المضافُ فتبَيَّن بـ "مِنْ" ومجرورِها أي: أعني من ذلك. والثاني: أنَّه مع تقديرِه للمضافِ إليه نُوي طَرْحُه، فلذلك أُتي بـ "مِنْ". ويدلُّ على ذلك أنه قد وَرَدَ التصريحُ بالإِضافةِ مع وجود "مِنْ" قال الشاعر:
٣٧١٣- نحن بغَرْسِ الوَدَي أَعْلَمُنا * مِنَّا بركضِ الجيادِ في السُّدَفِ
وخُرِّجَ على هذين الوجهين: إمَّا التعلُّقِ بمحذوفٍ، وإمَّا نيةِ اطِّراحِ المضاف إليه. قلت: وهذا كما احتاجوا إلى تأويل الجمع بين أل ومِنْ في أفعلَ كقوله:
٣٧١٤- ولستُ بالأكثرِ منهم حَصَىً *..............................
وهذه توجيهاتُ شذوذٍ، لا يُطْلَبُ فيها أكثرُ مِنْ ذلك فلْيُقْنَعْ بمثله.
* ﴿ لِّيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَائِكَ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾
(١٢/٦٥)
---