"ابن منقر" خبرٌ، لا نعت. كذا أنشده بعضُهم مستشهداً على أنها جملةٌ، وفيه حَذْفُ التنوين مِمَّا قبل "ابن" وليس بصفةٍ. وقد عَرَفْتَ ما أَشَرْتُ إليه هنا من سورة التوبة.
* ﴿ أَفَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِّنَ السَّمَآءِ وَالأَرْضِ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِّنَ السَّمَآءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ ﴾
قوله: ﴿أَفَلَمْ﴾: فيه الرأيان المشهوران: قدَّره الزمخشري: أعَمُوْا فلم يَرَوْا، وغيرُه يَدَّعِي أن الهمزةَ مقدَّمةٌ على حرفِ العطف.
قوله "من السماء" بيانٌ للموصولِ فتتعلَّقُ بمحذوفٍ. ويجوزُ أَنْ يكونَ حالاً فتتعلَّقَ به أيضاً. قيل: وثَمَّ حالٌ محذوفةٌ تقديرُه: أفلم يَرَوْا إلى كذا مقهوراً تحت قدرتِنا أو مُحيطاً بهم. ثم قال: إنْ نَشَأْ.
قوله: "إنْ نَشَأْ" قرأ الأخَوان "يَشَأْ" يَخْسِفْ، يُسْقِطْ، بالياء في الثلاثة. والباقون بنون العظمة فيها، وهما واضحتان. وأدغم الكسائيُّ الفاءَ في الباء، واستضعفها الناسُ من حيث أدغم الأَقْوى في الأضعفِ. قال الفارسي: "وذلك لا يجوز؛ لأنَّ الباءَ أضعفُ في الصوت من الفاءِ فلا تُدْغم فيها، وإنْ كانت الباءُ تُدْغم فيها نحو: "اضربْ فلاناً" كما تُدْغَمُ الباءُ في الميم كقولك: اضربْ مالِكاً، وإن كانت الميمُ لا تُدْغَمُ في الباءَ نحو: "اضمُمْ بكراً"؛ لأنَّ الباءَ انحطَّتْ عن الميم بفَقْد الغُنَّة". وقال الزمخشري: "وليست بالقويةِ"، وهذا لا ينبغي لأنها تواتَرَتْ.
قوله: "يا جِبالُ" مَحْكِيٌّ بقولٍ مُضْمَرٍ. ثم إنْ شِئْتَ قَدَّرْتَه مصدراً. ويكونُ بدلاً مِنْ "فَضْلاً"على جهةِ تفسيرِه به كأنه قيلَ: آتَيْناه فَضْلاً قولَنا: يا جبالُ، وإنْ شِئْتَ قَدَّرْتَه فِعْلاً. وحينئذٍ لك وجهان: إنْ شِئْتَ جَعَلْتَه بدلاً مِنْ "آتَيْنا" وإنْ شِئْتَ جَعَلْتَه مستأنفاً.