قوله: "مَنْ يَعْمَلُ" يجوزُ أَنْ يكونَ مرفوعاً بالابتداء. وخبرُه في الجارِّ قبلَه أي: من الجنِّ مَنْ يعملُ، وأنْ يكونَ في موضعِ نصبٍ بفعلٍ مقدرٍ أي: وسَخَّرْنا له مَنْ يعملُ. و"من الجنّ" يتعلقُ بهذا المقدرِ أو بمحذوفٍ على أنَّه حالٌ أو بيانٌ. و"بإذن" حالٌ أي: مُيَسَّراً بإذنِ ربِّه. والإِذْنُ: مصدرٌ مضافٌ لفاعلِه. وقُرِئ "ومَنْ يُزِغْ" بضمِّ الياءِ مِنْ أزاغَ، ومفعولُه محذوفٌ أي: ومَنْ يُزغْ نفسَه أي: يُميلُها. و"مِنْ عذاب": "مِنْ" لابتداء الغاية أو للتبعيض.
* ﴿ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوااْ آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾
و: ﴿يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَآءُ﴾: مُفَسِّرٌ لقولِه "مَنْ يعمل". و"مِنْ مَحاريب" بيانٌ لِما يَشاء.
قوله: "كالجوابِ" قرأ ابنُ كثير بإثباتِ ياء "الجوابي" وصلاً ووقفاً. وأبو عمروٍ وورشٌ بإثباتِها وَصْلاً، وحَذْفِها وقفاً. والباقون بحَذْفِها في الحالَيْن. و"كالجواب" صفةٌ لـ "جِفان". والجِفانُ: جمعُ جَفْنَة. والجوابي: جمع جابِيَة كضارِبة وضوارِب. والجابيةُ: الحَوْضُ العظيم سُمِّيَتْ بذلك لأنه يُجْبى إليها الماءُ. وإسنادُ الفعلِ إليها مَجازٌ؛ لأنه يُجْبَى فيها كما قيل: خابِية لِما يُخَبَّاُ فيها. قال الشاعر:
٣٧٢٤- بجِفانٍ تَعْتَرِي نادِيَنا * مِنْ سَدِيْفٍ حين هاجَ الصِّنَّبِرْ
كالجوابي لاتِني مُتْرَعَةً * لِقِرى الأضيافِ أو للمحتضِرْ
وقال الأعشى:
٣٧٢٥- نَفَى الذَّمَّ عن آلِ المُحَلَّقِ جَفْنَةٌ * كجابِيَةِ السَّيْحِ العِراقيِّ تَفْهَقُ
وقال الأفوه:
٣٧٢٦- وقُدُوْرٍ كالرُّبا راسِيَةٍ * وجِفانٍ كالجَوابي مُتْرَعَهْ
(١٢/٧٣)
---