قوله: ﴿نَبَأُ الْخَصْمِ﴾: قد تقدَّم أنَّ الخَصْمَ في الأصل مصدرٌ فلذلك يَصْلُحُ للمفردِ والمذكرِ وضِدَّيْهِما، وقد يطابِقُ. ومنه: ﴿لاَ تَخَفْ خَصْمَانِ﴾ و﴿هَاذَانِ خَصْمَانِ﴾. والمرادُ بالخَصْمِ هنا جمعٌ بدليلِ قولِه: "إذ تَسَوَّرُوا" وقوله: "إذ دَخَلُوا". قال الزَمخشريُّ: "وهو يقعُ للواحدِ والجمعِ كالضَّيْفِ. قال تعالى: ﴿حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ﴾ لأنه مصدرٌ في أصله يُقال: خَصَمه يَخْصِمُه خَصْماً كما تقول: ضافه ضَيْفاً. فإنْ قلتَ: هذا جمعٌ وقولُه: "خصمان" تثنيةٌ فكيف استقَامَ ذلك؟ قلت: معنى خصمان: فريقان خَصْمان، والدليلُ عليه قراءةُ مَنْ قرأ ﴿[خَصْمَانِ] بَغَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ ونحوُه قوله تعالى: ﴿هَاذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُواْ﴾. فإنْ قلتَ: فما تصنعُ بقولِه: ﴿إِنَّ هَذَآ أَخِي﴾ وهو دليلٌ على الاثنين؟ قلت: هذا قولُ البعضِ المراد به: ﴿بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ﴾. فإنْ قلت: فقد جاء في الرواية: أنه بُعِثَ إليه مَلَكان. قلت: معناه أن التحاكمَ بين مَلَكَيْن، ولا يمنعُ ذلك أَنْ يَصْحَبَهما آخرون. فإن قلت: كيف سَمَّاهم جميعاً خَصْماً في قوله: "نَبَأ الخَصْمِ" و"خَصْمان"؟ قلتُ: لَمَّا كان صَحِبَ كلَّ واحدٍ من المتحاكميْن في صورةِ الخَصْمِ صَحَّت التسميةُ به".
(١٢/٢٤٦)
---