قوله: ﴿كِتَابٌ﴾: يجوزُ أَنْ يكونَ خبرَ مبتدأ مضمرٍ أي: هذا كتابٌ و"أَنْزَلْناه" صفةٌ و"مبارَكٌ" خبرُ مبتدأ مضمرٍ أو خبرٌ ثانٍ، ولا يجوزُ أَنْ يكونَ نعتاً ثانياً، لأنَّه لا يتقدَّمُ عند الجمهورِ غيرُ الصريحِ على الصريحِ. ومَنْ يرى ذلك استدلَّ بظاهِرها، وقد تقدَّم هذا محرَّراً في المائدة.
و"لِيَدَّبَّروا" متعلقٌ بـ "أَنْزَلْناه". وقُرِئ "مبارَكاً" على الحالِ اللازمةِ؛ لأنَّ البركةَ لا تفارِقُه. وقرأ علي رضي الله عنه "لِيَتَدَبَّروا" وهي أصلُ قراءةِ العامَّةِ فأُدْغِمَتْ التاءُ في الدالِ. وأبو جعفر - ورُوِيَتْ عن عاصم والكسائي - "لِتَدَبَّروا" بتاءِ الخطاب وتخفيفِ الدالِ. وأصلُها لِتَتدَبَّروا بتاءَيْن فحُذِفَتْ إحداهما. وفيها الخلافُ المشهورُ: هل هي الأُوْلى أو الثانية؟
* ﴿ وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾
قوله: ﴿نِعْمَ الْعَبْدُ﴾: مخصوصُها محذوفٌ أي: نِعْمَ العبدُ سليمانُ. وقيل: داودُ. والأولُ أظهرُ لأنه هو المَسُوْقُ للحديثِ عنه. وقُرِئ بكسرِ العين، وهي الأصلُ كقولِه:
٣٨٦٦-.............................. * نَعِمَ السَّاعونَ في القومِ الشُّطُرْ
* ﴿ إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ ﴾
قوله: ﴿إِذْ عُرِضَ﴾: في ناصبه أوجهٌ، أحدها: نِعْم، وهو أضعَفُها لأنه لا يَتَقَيَّدُ مَدْحُه بوقتٍ، ولعدمِ تَصَرُّفِ نِعْمَ. والثاني: "أوَّاب" وفيه تقييدُ وَصْفِه بذلك بهذا الوقت. والثالث: اذكرْ مقدراً وهو أَسْلَمُها و"الصَّافِناتُ" جمعُ صافنٍ. وفيه خلافٌ بين أهلِ اللغةِ. فقال الزجَّاجُ: هو الذي يقفُ على إحدى يدَيْه ويَقِفُ على طَرَفِ سُنْبُكه، وقد يفعل ذلك بإحدى رجلَيْه. قال: "وهي علامةُ الفَراهةِ فيه، وأنشد:
٣٨٦٧- أَلِفَ الصُّفُوْنَ فما يَزال كأنَّه * مِمَّا يقومُ على الثلاثِ كَسِيْرا
(١٢/٢٥٢)
---