(١٢/٣٢٤)
---
قال الشيخ: "فَدَلَّ هذا على أنَّ البدلَ لا يتكَرَّرُ ويَتَّحد المبدلُ منه، ودَلَّ على أنَّ البدلَ من البدلِ جائزٌ". قلت: وقد تقدَّم له هذا البحثُ آخرَ الفاتحةِ عند قوله: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم﴾ فعليك بمراجعته قال: "وقولُه تفاعيلُها هو جمعُ تِفْعال أو تَفْعُول أو تُفْعُول أو تَفْعيل وليس شيءٌ منها معدوداً من أجزاء العَروض فإنَّ أجزاءَه منحصرةٌ ليس فيها شيءٌ من هذه الأوزانِ، فصوابُه أَنْ يقولَ: جاءت أجزاؤُها كلُّها على مُستفعلن".
وقال الزمخشري أيضاً: "ولقائل أَنْ يقولَ: هي صفاتٌ وإنما حُذِفت الألفُ واللامُ مِنْ "شديد" ليزاوجَ ما قبلَه وما بعدَه لفظاً فقد غَيَّروا كثيراً مِنْ كلامِهم عن قوانينِه لأجلِ الازدواجِ، فقالوا: "ما يعرف سحادليه مِنْ عبادليه" فَثَنُّوا ما هو وِتْرٌ لأجلِ ما هو شَفْعٌ. على أن الخليلَ قال في قولهم: "ما يَحْسُنُ بالرجلِ مثلِك أَنْ يَفْعل ذلك" و"ما يَحْسُن بالرجلِ خيرٍ منك" إنه على نيةِ الألفِ واللامِ، كما كان "الجَمَّاء الغفير" على نيةِ طرحِ الألفِ واللامِ. ومما سهَّل ذلك الأمنُ من اللَّبْسِ وجَهالَةُ الموصوفِ". قال الشيخُ: "ولا ضرورةَ إلى حَذْفِ أل مِنْ "شديد العقاب" وتشبيهُه بنادرٍ مُغَيَّرٍ وهو تثنيةُ الوِتْر لأجلِ الشَّفْعِ، فيُنَزَّه كتابُ اللَّهِ عن ذلك". قلت: أمَّا الازدواجُ - وهو المشاكلة - من حيث هو فإنه واقعٌ في القرآن، مضى لك منه مواضعُ.
وقال الزمخشري أيضاً: "ويجوزُ أَنْ يقالَ: قد تُعُمِّد تنكيرُه وإبهامُه للدلالةِ على فَرْطِ الشِّدَّةِ وعلى ما لا شيءَ أَدْهَى منه وأَمَرُّ لزيادةِ الإِنذار. ويجوز أَنْ يُقالَ: هذه النكتةُ هي الداعيةُ إلى اختيار البدلِ على الوصفِ، إذا سُلِكَتْ طريقةُ الإِبدالِ" انتهى. وقال مكي: "يجوزُ في "غافر" و"قابل" البدلُ على أنهما نكرتان لاستقبالِهما، والوصفُ على أنهما معرفتان لمُضِيِّهما".
(١٢/٣٢٥)
---