(١٢/٣٨٢)
---
على إضمارِ القولِ. الثاني: أنها الناصبةُ للمضارعِ، والجملةُ النَّهْييةُ بعدها صلتُها وُصِلَتْ بالنهي كما تُوْصَلُ بالأمر في "كَتبتُ إليه بأنْ قُمْ"، وقد مَرَّ في وَصْلِها بالأمرِ إشكالٌ يأتي مثلُه في النهي. الثالث: أَنْ تكونَ مفسِّرَةً لمجيئِهم لأنه يتضمَّنُ قولاً، و"لا" في هذه الأوجهِ كلِّها ناهيةٌ، ويجوزُ أَنْ تكونَ نافيةً على الوجهِ الثاني، ويكون الفعلُ منصوباً بـ "أنْ" بعد "لا" النافية، فإنَّ "لا" النافيةَ لا تمنعُ العاملَ أَنْ يعملَ فيما بعدها نحو: "جئتُ بلا زيدٍ"، ولم يذكرْ الحوفي غيرَه.
قوله: "لو شاءَ" قدَّر الزمخشريُّ مفعولَ "شاء": لو شاءَ إرسالَ الرسلِ لأَنْزَلَ ملائكةً. قال الشيخ: "تَتَبَّعْتُ القرآنَ وكلامَ العربِ فلم أَجِدْ حَذْفَ مفعولِ "شاء" الواقع بعد "لو" إلاَّ مِنْ جنسِ جوابِها نحو: ﴿وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى﴾ أي: لو شاءَ جَمْعَهم على الهدى لجَمَعهم عليه، ﴿لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً﴾ ﴿لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً﴾ ﴿وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لآمَنَ﴾ ﴿وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ﴾ ﴿لَوْ شَآءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ﴾. وقال الشاعر:
٣٩٥٢- فلو شاءَ ربِّي كنتُ قيسَ بنَ خالدٍ * ولو شاءَ ربي كنتُ قيسَ بنَ مَرْثدِ
وقال الراجز:
٣٩٥٣- واللذِ لو شاءَ لكنْتُ صَخْراً * أو جَبَلاً أشمَّ مُشْمَخِرَّا
قال: "فعلَى ما تقرَّر لا يكونُ المحذوفُ ما قدَّره الزمخشريُّ، وإنما التقديرُ: لو شاء ربُّنا إنزالَ ملائكةٍ بالرسالةِ منه إلى الإِنسِ لأَنْزَلهم بها إليهم، وهذا أَبْلَغُ في الامتناع من إرسالِ البشرِ، إذ عَلَّقوا ذلك بإنزال الملائكة، وهو لم يَشَأْ ذلك فكيف يشاء ذلك في البشر؟" قلت: وتقديرُ أبي القاسم أوقَعُ معنىً وأخلصُ من إيقاع الظاهرِ موقعَ المضمرِ؛ إذ يَصيرُ التقديرُ: لو شاءَ إنزالَ ملائكةٍ لأنزلَ ملائكةً.
(١٢/٣٨٣)