قوله: "مِنْ غَفَورٍ" يجوزُ تعلُّقه بمحذوفٍ على أنه صفةٌ لـ "نُزُلاً"، وأَنْ يتعلَّقَ بتَدَّعون، أي: تَطْلبونه مِنْ جهةِ غفورٍ رحيمٍ، وأَنْ يتعلَّقَ بما تعلَّقَ الظرفُ في "لكم" من الاستقرارِ أي: استقرَّ لكم مِنْ جهةِ غفورٍ رحيم. قال أبو البقاء: "فيكونُ حالاً مِنْ "ما". قلت: وهذا البناءُ منه ليس بواضحٍ، بل هو متعلِّقٌ بالاستقرارِ فَضْلةً كسائرِ الفضلاتِ، وليس حالاً مِنْ "ما".
* ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾
قوله: ﴿وَقَالَ إِنَّنِي﴾: العامَّةُ على "إنني" بنونين، وابن أبي عبلةَ وابنُ نوح بنونٍ واحدةٍ.
* ﴿ وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾
قوله: ﴿وَلاَ السَّيِّئَةُ﴾: في "لا" هذه وجهان، أحدهما، أنها زائدةٌ للتوكيدِ، كقوله: ﴿وَلاَ الظِّلُّ وَلاَ الْحَرُورُ﴾ وكقوله: ﴿وَلاَ الْمُسِياءُ﴾؛ لأنَّ "استوى" لا يكتفي بواحدٍ. والثاني: أنها مؤسِّسَةٌ غيرُ مؤكِّدةٍ، إذ المرادُ بالحسنةِ والسَّيئةِ الجنسُ أي: لا تَسْتوي الحسناتُ في أنفسِها، فإنها متفاوتةٌ ولا تستوي السيئاتُ أيضاً فرُبَّ واحدةٍ أعظمُ مِنْ أخرى، وهو مأخوذٌ من كلامِ الزمخشري. وقال الشيخُ: "فإنْ أَخَذْتَ الحسنةَ والسيئةَ جنساً لم تكنْ زيادتُها كزيادتِها في الوجهِ الذي قبلَ هذا". قلت: فقد جَعَلها في المعنى الثاني زائدةً. وفيه نظرٌ لِما تَقَدَّم.
(١٢/٣٩٢)
---