وقرأ زيدُ بن علي "فريقاً، وفريقاً" نصباً على الحال مِنْ جملةٍ محذوفةٍ أي: افترقوا أي: المجموعون. وقال مكي: "وأجاز الكسائيُّ والفراءُ النصبَ في الكلام في "فريقاً" على معنى: تُنْذِرُ فريقاً في الجنة وفريقاً في السَّعير يومَ الجمع". قلت: قد تقدَّم أنَّ زيدَ بن علي قرأ بذلك، فكأنَّه لم يَطَّلِعْ على أنها قراءةٌ؛ بل ظاهرُ نَقْلِه عن هذَيْن الإِمامَيْن أنهما لَم يَطَّلعا عليها، وجَعَل "فريقاً" مفعولاً أولَ لـ "تُنْذِرَ" و"يومَ الجَمْعِ" مفعولاً ثانياً. وفي ظاهرِه إشكالٌ: وهو أنَّ الإِنذارَ لا يقعُ للفريقَيْنِ، وهما في الجنة، وفي السَّعير، إنَّما يكونُ الإِنذارُ قبل استقرارِهما فيهما. ويمكنُ أَنْ يُجابَ عنه: بأنَّ المرادَ مَنْ هو مِنْ أهلِ الجنة ومِنْ أهلِ السَّعير، وإنْ لم يكنْ حاصلاً فيهما وقتَ الإِنذارِ، و"في الجنة" صفةٌ لـ "فَريقاً" أو متعلِّقٌ بذلك المحذوفِ.
* ﴿ أَمِ اتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾
قوله: ﴿أَمِ اتَّخَذُواْ﴾: هذه "أم" المنقطعةُ تتقَدَّر بـ بل التي للانتقالِ وبهمزةِ الإِنكارِ، أو بالهمزةِ فقط، أو بـ بل فقط.
قوله: ﴿فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ﴾. الفاءُ عاطفةٌ ما بعدَها على ما قبلَها. وجعلها الزمخشريُّ جوابَ شرطٍ مقدرٍ. كأنَّه قيل: إنْ أرادوا أولياءَ بحقٍ فاللَّهُ هو الوليُّ.
* ﴿ فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾
(١٢/٤٠٧)
---


الصفحة التالية
Icon