وأمَّا قولُه: ﴿وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾ الآية فقد عَرَفْتَ أنَّ الأخَوَيْن يقرآن "آيات" بالكسرِ، وهي تحتاج إلى إيضاحٍ، فإن الناسَ قد تكلَّموا فيها كلاماً كثيراً، وخرَّجوها على أوجهٍ مختلفةٍ، وبها استدلَّ على جوازِ العطفِ على عاملين. قلت: والعطفُ على عامِلَيْن لا يختصُّ بقراءةِ الأخوَيْن بل يجوز أَنْ يُسْتَدَلَّ عليه أيضاً بقراءة الباقين، كما ستقف عليه إن شاء الله تعالى. فأما قراءةُ الأخوين ففيها أوجهٌ، أحدُها: أن يكونَ "اختلافِ الليلِ" مجروراً بـ "في" مضمرةً، وإنما حُذِفَتْ لتقدُّم ذكرِها مَرَّتَيْنِ، وحرفُ الجرِّ إذا دَلَّ عليه دليلٌ/ جاز حَذْفُه وإبقاءُ عملِه. وأنشَدَ سيبويه:
٤٠٢٣- الآن قَرَّبْتَ تَهْجُونا وتَشْتِمُنا * فاذهَبْ فما بك والأيامِ من عَجَبِ
تقديرُه: وبالأيام لتقدُّم الباءِ في "بك" ولا يجوزُ عَطْفُه على الكاف لأنه ليس مِنْ مذهبه - كما عَرَفْتَ - العطفُ على الضميرِ المجرورِ دونَ إعادةِ الجارِّ، فالتقديرُ في هذه الآيةِ: "وفي اختلافِ آيات" فـ "آيات" على ما تقدَّم من الوجهين في "آيات" قبلَها: العطفِ أو التأكيدِ. قالوا: ويَدُلُّ على ذلك قراءةُ عبد الله "وفي اختلافِ" تصريحاً بـ "في". فهذان وجهان.
(١٣/٦٧)
---


الصفحة التالية
Icon