٤٠٢٤- أكلَّ امرِئٍ تَحْسَبين امْرَأً * ونارٍ تَوَقَّدُ بالليلِ نارا
وأنشد الفارسيُّ للفرزدق:
٤٠٢٥- وباشَرَ راعيها الصَّلا بلَبانِه * وجَنْبَيْه حَرَّ النارِ ما يتحرَّق
وقول الآخر:
٤٠٢٦- أَوْصَيْتُ مِنْ رُبْدَةَ قَلْباً حُرَّاً * بالكلبِ خيراً والحَماةِ شَرا
قلت: أمَّا البيتُ الأولُ فظاهرُه أنه عَطَفَ و"نارٍ" على "امرئ" المخفوض بـ "كل" و"ناراً" الثانية على "امرَأ" الثاني. والتقدير: وتحسبين كلَّ نارٍ ناراً، فقد عطف على معمولَيْ عاملَيْن. والبيتُ الثاني عَطَفَ فيه "جَنْبَيْه" على "بلبانه" وعَطَفَ "حَرّض النارِ" على "الصلا"، والتقدير: وباشر بجَنْبَيْه حرَّ النار، والبيتُ الثالث عَطَفَ فيه "الحَماة" على "الكلب" و"شَرًّا" على "خيراً"، تقديرُه وأَوْصَيْتُ بالحَماة شراً. وسيبويه في جميع ذلك يرى الجرَّ بخافضٍ مقدرٍ لكنه عُورض: بأنَّ إعمال حرفِ الجرِّ مضمراً ضعيفٌ جداً، ألا ترى أنَّه لا يجوزُ "مررتُ زيدٍ" بخفضِ "زيد" إلاَّ في ضرورةٍ كقولِه:
٤٠٢٧- إذا قيلَ أيُّ الناسِ شرُّ قبيلةٍ * أشارَتْ كليبٍ بالأكفِّ الأصابعُ
يريد: إلى كليب، وقولِ الآخر:
٤٠٢٨-...................... * حتى تَبَذَّخَ فارتقى الأعلامِ
أي إلى الأعلام، فقد فَرَّ مِنْ شيءٍ فوقَع في أضعفَ منه. وأُجيب عن ذلك: بأنه لَمَّا تَقَدَّم ذِكْرُ الحرف في اللفظِ قَوِيَتِ الدلالةُ عليه، فكأنَّه ملفوظٌ به بخلافِ ما أَوْرَدْتموه في المثالِ والشعر.
(١٣/٦٩)
---