قوله: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُواْ﴾: يجوز أَنْ يكونَ مبتدأً، والخبرُ محذوفٌ. تقديره: فَتَعِسُوا وأُتْعِسُوا، يَدُلُّ عليه "فَتَعْساً" فتعساً منصوبٌ بالخبرِ. ودَخَلَتِ الفاءُ تشبيهاً للمبتدأ بالشرط. وقدَّرَ الزمخشري الفعلَ الناصبَ لـ "تَعْساً" فقال: "لأنَّ المعنى: فقال تعساً أي: فقضى تَعْساً لهم". قال الشيخ: "وإضمارُ ما هو من لفظِ المصدر أَوْلَى". والثاني: أنه منصوبٌ بفعلٍ مقدر يُفَسِّره "فتَعْساً لهم" كما تقول: زيداً جَدْعاً له، كذا قال الشيخ تابِعاً للزمخشريِّ. وهذا لا يجوزُ لأنَّ "لهم" لا يتعلَّقُ بـ "تَعْساً"، إنما هو متعلقٌ بمحذوفٍ لأنَّه بيانٌ أي: أعني لهم: وقد تقدَّم تحقيقُ هذا والاستدلالُ عليه. فإنْ عَنَيا إضماراً مِنْ حيث مطلقُ الدلالةِ لا من جهةِ الاشتغالِ فَمُسَلَّمٌ، ولكنْ تَأْباه عبارتُهما وهي قولُهما: منصوبٌ بفعلٍ مضمرٍ يُفَسره "فَتَعْساً لهم"، و"أَضَلَّ" عطفٌ على ذلك الفعل المقدرِ أي: أتعسَهُم وأضلَّ أعمالهم. والتَّعْسُ: ضدُّ السَّعْدِ يقال: تَعَسَ الرجلُ بالفتح تَعْساً وأَتْعَسَهَ اللَّهُ. قال مجمِّع:
٤٠٥٣- تقولُ وقد أَفْرَدْتُها مِنْ حَليلِها * تَعِسْتَ كما أَتْعَسْتَني يا مُجَمِّعُ
وقيل: تعِس بالكسرِ، عن أبي الهيثم وشَمِر وغيرِهما. وعن أبي عبيدة: تَعَسَه وأَتْعَسَه متعدِّيان فهما مما اتَّفَق فيهما فَعَل وأَفْعَل وقيل: التَّعْسُ ضدُّ الانتعاش. قال الزمخشري: "وتَعْساً له نقيض لَعَا له" يعني أنَّ كلمةَ "لَعا" بمعنى انتعش. قال الأعشى:
٤٠٥٤- بذاتِ لَوْثٍ عَفَرْناةٍ، إذا عَثَرَتْ * فالتَّعْسُ أَدْنى لها مِنْ أَنْ أقولَ لَعَا
وقيل: التَّعْسُ الهَلاك. وقيل: التَّعْسُ الجَرُّ على الوجهِ، والنَّكْسُ الجرُّ على الرأس.
* ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُواْ مَآ أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ﴾
(١٣/١١٣)
---