قوله: "آسِنٍ" قرأ ابنُ كثير "أَسِنٍ" بزنة حَذِرٍ وهو اسمُ فاعلٍ مِنْ أَسِنَ بالكسرِ يَأْسَنُ، فهو أَسِنٌ كـ حَذِرَ يَحْذَر فهو حَذِرٌ. والباقون "آسِنٍ" بزنةِ ضارِب مِنْ أَسَنَ بالفتح يَأْسِن (يأسُنُ)، يقال: أَسَن الماءُ بالفتح يَأْسِن ويَأْسُن بالكسرِ والضمِّ أُسُوْناً، كذا ذكره ثعلب في "فصيحه". وقال اليزيدي: "يقال: أَسِن بالكسرِ يَأْسَنُ بالفتح أَسَناً أي: تَغَيَّر طعمُه. وأمَّا أسِن الرجلُ - إذا دَخَل بئراً فأصابه مِنْ ريحِها ما جعل في رأسِه دُواراً - فأَسِن بالكسرِ فقط. قال الشاعر:
٤٠٥٧- قد أترُكُ القِرْن مُصْفَرَّاً أنامِلُه * يَميد في الرُّمْح مَيْدَ المائِح الأَسِنِ
وقُرِئَ "يَسِنٍ" بالياء بدلَ الهمزةِ. قال أبو علي: "هو تَخفيفُ أَسِنٍ" وهو تخفيفٌ غريبٌ.
قوله: ﴿لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ﴾ صفةٌ لـ "لبنٍ". قوله: "لذة" يجوز أَنْ يكونَ تأنيثَ لَذّ، ولَذٌّ بمعنى لذيذ، ولا تأويلَ على هذا، ويجوزُ أَنْ يكونَ مصدراً وُصِفَ به. وفيه التأويلاتُ المشهورةُ. والعامَّةُ على جرِّ "لَذَّةٍ" صفةً لـ "خَمْرٍ" وقُرِئ بالنصب على المفعولِ له، وهي تؤيِّدُ المصدريةَ في قراءةِ العامَّةِ، وبالرفع صفةً لـ "أنهارٌ"، ولم تُجْمَعْ لأنها مصدرٌ إنْ قيلَ به، وإنْ لا فلأنَّها صفةٌ لجمعٍ غيرِ عاقلٍ، وهو يُعامَلُ معاملةَ المؤنثةِ الواحدةِ.
قوله: "مِنْ عَسَلٍ" نقلوا في "عَسَل" التذكيرَ والتأنيثَ، وجاء القرآنُ على التذكيرِ في قوله: "مُصَفَّى". والعَسَلان: العَدْوُ. وأكثرُ استعمالِه في الذئبِ، يقال: عَسَل الذئبُ والثعلبُ، وأصلُه مِنْ عَسَلانِ الرُّمح وهو اهتزازُه، فكأنَّ العادِيَ يهزُّ أعضاءَه ويُحَرِّكها قال الشاعر:/
٤٠٥٨- لَدْنٌ بِهَزِّ الكفِّ يَعْسِلُ مَتْنُه * فيه كما عَسَل الطريقَ الثعلبُ
وكُنِي بالعُسَيْلة عن الجماعِ لِما بينهما. قال عليه السلام: "حتى تَذوقي عُسَيْلَتَه ويذوقَ عُسَيْلَتَك
(١٣/١١٨)


الصفحة التالية
Icon