قوله: ﴿لَوْ يُطِيعُكُمْ﴾: يجوزُ أَنْ يكونَ حالاً: إمَّا من الضميرِ المجرور مِنْ "فيكم"، وإمَّا من المرفوعِ المستترِ في "فيكم" لأدائِه إلى تنافُرِ النَّظْمِ. ولا يَظْهر ما قاله بل الاستئناف واضحٌ أيضاً. وأتى بالمضارعِ بعد "لو" لدلالةً على أنه كان في إرادتِهم استمرارُ عملِه على ما يتقوَّلون.
قوله: ﴿وَلَاكِنَّ اللَّهَ﴾ الاستدراكُ هنا من حيث المعنى لا من حيث اللفظُ؛ لأنَّ مَنْ حُبِّبَ إليه الإِيمانُ غايَرَتْ صفتُه صفةَ مَنْ تقدَّم ذِكْرُه.
وقوله: ﴿أُوْلَائِكَ هُمُ﴾ التفاتٌ من الخطاب إلى الغَيْبَةِ.
* ﴿ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾
قوله: ﴿فَضْلاً﴾: يجوز أَنْ ينتصِبَ على المفعولِ من أجله. وفيما ينصِبُه وجهان، أحدهما: قوله: ﴿وَلَاكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ﴾، وعلى هذا فما بينهما اعتراضٌ مِنْ قولِه: ﴿أُوْلَائِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ﴾. والثاني: أنه الراشدون. وعلى هذا فكيف جازَ مع اختلاف الفاعلِ لأنَّ فاعلَ الرُّشدِ غيرُ فاعلِ الفضل؟ فأجاب الزمخشريُّ: بأنَّ الرُّشْدَ لَمَّا وقع عبارةً عن التحبيب والتزيين والتكريه مسندةً إلى أسمائِه صار الرُّشد كأنه فِعْلُه". وجَوَّزَ أيضاً أَنْ ينتصِبَ بفعلٍ مقدرٍ ي: جرى ذلك او كان ذلك. قال الشيخ: "وليس مِنْ مواضِع إضمارِ "كان"، وجَعَلَ كلامَه الأولَ اعتزالاً. وليس كذلك؛ لأنه أراد الفعلَ المسندَ إلى فاعلِه لفظاً، وإلاَّ فالتحقيقُ أنَّ الأفعالَ كلَّها مخلوقةٌ للَّهِ تعالى، وإنْ كان الزمخشريُّ غيرَ مافقٍ عليه. ويجوزُ أَنْ ينتصِبَ على المصدرِ المؤكِّد لمضمونِ الجملة السابقةِ لأنها فضلٌ أيضاً. إلاَّ أنَّ ابنَ عطيةَ جعله من المصدرِ المؤكِّد لنفسه. وجَوَّزَ الحوفيُّ أن ينتصبَ على الحالِ وليسَ بظاهرٍ، ويكون التقديرُ: مُتَفَضِّلاً مُنَعِّماً، أو ذا فضلٍ ونِعْمة.
(١٣/١٥٠)
---


الصفحة التالية
Icon