قوله: ﴿لِتَعَارَفُوااْ﴾ العامَّةُ على تخفيفِ التاء، والأصلُ: لتتعارفوا فحذفَ إحدى التاءَيْن. والبزيُّ بتشديدِها. وقد تقدَّم ذلك في البقرة. واللام متعلقةٌ بجَعَلْناكم. وقرأ الأعمش بتاءَيْن وهو الأصلُ الذي أدغمه البزيُّ وحَذَفَ منه الجمهورُ. وابن عباس: "لِتَعْرِفُوا" مضارعَ عَرَفَ. والعامَّةُ على كسرِ "إنَّ أكْرَمَكم". وابن عباس على فتحها: فإنْ جَعَلْتَ اللامَ لامَ الأمرِ - وفيه بَعْدٌ - اتَّضَحَ أَن يكونَ قولُه: "أنَّ أَكْرَمَكم" بالفتح مفعولَ العِرْفان، أَمَرَهم أَنْ يَعْرِفوا ذلك، وإنْ جَعَلْتَها للعلة لم يظهرْ أَنْ يكونَ مفعولاً؛ لأنه لم يَجْعَلْهم شعوباً وقبائلَ ليعرِفوا ذلك، فينبغي أن يُجْعَلَ المفعولُ محذوفاً واللامُ للعلة أي: لِتَعْرِفوا الحقَّ؛ لأنَّ أكرمَكم.
* ﴿ قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَاكِن قُولُوااْ أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لاَ يَلِتْكُمْ مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾
قوله: ﴿وَلَمَّا يَدْخُلِ﴾: هذه الجملةُ مستأنفةٌ أخبر تعالى بذلك. وجعلها الزمخشريُّ حالاً من الضميرِ في "قولوا". وقد تقدَّم الكلامُ في "لَمَّا" وما تدلُّ عليه والفرقُ بينها وبينَ "لم". وقال الزمخشري: "فإنْ قلت: هو بعدَ قولِه: "لم تؤمنوا" يُشْبِهُ التكريرَ من غير استقلالٍ بفائدةٍ مُتَجدِّدة. قلت: ليس كذلك فإنَّ فائدةَ قولِه: "لم تؤمنوا" هو تكذيبُ دَعْواهم. و "لَمَّا يَدْخُل" توقيتٌ لِما أُمِروا به أَنْ يقولوه" ثم قال: "وما في "لَمَّا" مِنْ معنى التوقع دليلٌ على أنَّ هؤلاء قد آمنوا فيما بعدُ". قال الشيخ: "ولا أدري مِنْ أيِّ وجه يكونُ المنفيُّ بـ"لَمَّا" يقعُ بعدُ"؟ قلت: لأنَّها لنفيِ قد فَعَلَ، و "قد" للتوقع.
(١٣/١٥٤)
---


الصفحة التالية
Icon