قوله: ﴿أَنْ أَسْلَمُواْ﴾: يجوز فيه وجهان، أحدهما: أنَّه مفعولٌ به؛ لأنه ضُمِّن "يَمُنُّون" معنى يَعْتَدُّون"، كأنه قيل: يَعْتَدُّون عليك إسلامَهم مانِّيْنَ به عليك؛ ولهذا صَرَّح بالمفعولِ به في قولِه: ﴿لاَّ تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسْلاَمَكُمْ﴾ أي: "لا تَعْتَدُّوا عليَّ إسلامَكم" كذا استدلَّ الشيخُ بهذا. وفيه نظرٌ؛ إذ لقائلٍ أَنْ يقولِ: لا نُسَلِّمُ انتصابَ "إسلامَكم" على المفعولِ به، بل يجوزُ فيه المفعولُ مِنْ أجلِه، كما يجوزُ في محلِّ "أَنْ أَسْلَموا" وهو الوجهُ الثاني فيه، أي: يمنُّون عليك لأجلِ أَنْ أَسْلَمُوا، فكذلك في قولِه: ﴿لاَّ تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسْلاَمَكُمْ﴾ وشروطُ النصبِ موجودةٌ، والمفعولُ له متى كان مضافاً استوى جَرَّه بالحرفِ ونصبُه.
وقوله: ﴿أَنْ هَداكُمْ﴾ كقولِه: "أن أَسْلَموا". وقرأ زيد بن علي "إذ هَداكم" بـ"إذ" مكانَ "أَنْ" وهي تفيد التعليلَ. وجوابُ الشرطِ مقدرٌ أي: فهو المانُّ عليكم لا أنتم عليه وعليَّ.
* ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾
قوله: ﴿وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾: ابن كثير الغَيْبة نظراً لقولِه: "يَمُنُّون" وما بعده، والباقون بالخطابِ نظراً إلى قولِه: ﴿لاَّ تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسْلاَمَكُمْ﴾ إلى آخره.