قوله: ﴿مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ هذا كقولهم: مسجد الجامع أي: حبلِ العِرْفِ الوريد، أو لأنَّ الحبلَ أعمُّ للبيان نحو: بعير سانية، أو يراد حَبْلُ العاتق فأضيف إلى الوريد كما يضاف إلى العاتِق، لأنهما في عضو واحد. والوريد: إمَّا بمعنى الوارد، وإمَّا بمعنى المورود. والوريد: عِرْقٌ كبير في العنق يقال: إنهما وريدان. قال الزمخشري: "عِرْقان مُكْتنفان لصفحتَيْ العُنُق في مُقَدَّمِهما يتصلان بالوَتين، يَرِدان من الرأس إليه. ويسمَّى وريداً؛ لأنَّ الروحَ تَرِدُ إليه". وأنشد:
٤٠٩٣ - كأنْ وَرِيْدَيْهِ رِشاءُ خُلْبِ
وقال الأثرم: "هو نهرُ الجسدِ: هو في القلبِ الوَتينُ، وفي الظهر الأَبْهَرِ، وفي الذِّراعِ والفَخِذِ الأَكْحَلُ والنِّسا، وفي الخِنْصِرِ الأَسْلَم".
* ﴿ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ﴾
قوله: ﴿إِذْ يَتَلَقَّى﴾: ظرفٌ لـ"أَقْرَبُ". ويجوزُ أَنْ يكونَ منصوباً بـ اذكُرْ.
قوله: ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ﴾ يجوز أَنْ يكونَ مفرداً على بابِه، فيكون بمعنى مُفاعِل كخليط بمعنى مُخالِط، أو يكونَ عَدَلَ مِنْ فاعِل إلى فعيل مبالغةً كـ عليم. وجوَّز الكوفيون أَنْ يكونَ فعيل واقعاً مَوْقِعَ الاثنين. وقال المبرد: "والأصل: عن اليمين قعيدٌ وعن الشِّمال، فأُخِّرَ عن موضعِه" وهذا لا يُنْجي مِنْ وقوعِ المفردِ موقعَ المثنى. والأَجْوَدُ أَنْ يُدَّعَى حَذْفٌ. إمَّا من الأول أي: عن اليمين قعيدٌ وعن الشِّمال قعيدٌ، وإمَّا من الثاني، فيكون قعيدٌ الملفوظٌ به للأول، ومثلُه قولُ الآخر:
٤٠٩٤ - رَماني بأَمْرٍ كنتُ منه ووالدي * بَريئاً ومِنْ أجل الطَّوِيِّ رَماني
* ﴿ مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾
قوله: ﴿مَّا يَلْفِظُ﴾: العامَّةُ على كسرِ الفاء ومحمدُ بن أبي معدان على فتحِها: ورقيبٌ عتيدٌ قيل: هو بمعنى: رقيبان عتيدان.


الصفحة التالية
Icon