قوله: ﴿الَّذِي﴾: يجوزُ أَنْ يكونَ منصوباً على الذمِّ، أو على البدلِ مِنْ "كل"، وأَنْ يكونَ مجروراً بدلاً من "كَفَّار"، ويجوزُ أَنْ يكونَ خبرَ مبتدأ مضمرٍ أي: هو الذي جَعَلَ، ويكونُ "فَأَلْقِياه" تأكيداً. وجَوَّز ابنُ عطية أَنْ يكونَ صفةً للكَفَّار قال: "من حيثُ يختصُّ "كَفَّار" بالأوصافِ المذكورة، فجاز وَصْفُه بهذه المعرفة"، وهذا مردودٌ. وقُرىء بفتح التنوينِ فِراراً مِن توالي أربعة متجانساتٍ.
* ﴿ قَالَ قرِينُهُ رَبَّنَا مَآ أَطْغَيْتُهُ وَلَاكِن كَانَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ ﴾
قوله: ﴿وَقَالَ قَرِينُهُ﴾: جاءَتْ هذه بلا واوٍ؛ لأنها قُصِدَ بها الاستئنافُ؛ كأنَّ الكافرَ قالك ربِّ هو أَطْغاني. فقال قَرينُه: ما أَطْغَيْتُه، بخلاف التي قبلَها، فإنها عُطِفَتْ على ما قبلَها للدلالة على الجمعِ بين معناها ومعنى ما قبلَها في الحصولِ، أعني مجيْءَ "كلُّ نفس" مع المَلَكَيْن وقولَ قرينِه ما قاله له.
* ﴿ قَالَ لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ ﴾
قوله: ﴿ قَالَ لاَ تَخْتَصِمُواْ﴾: استئنافٌ أيضاً، كأن قائلاً قال: فماذا قال اللَّهُ له؟ فأُجيب بـ"قال: لا تَخْتصموا".
قوله: ﴿وَقَدْ قَدَّمْتُ﴾ جملةٌ حاليةٌ. ولا بُدَّ مِنْ تأويلِها. وذلك أنَّ النهيَ في الآخرةِ وتَقْدِمةَ الوعيدِ في الدنيا، فاختلف الزمنان، فكيف يَصِحُّ جَعْلُها حاليةً؟ وتأويلها: هو أن المعنى وقد صَحَّ أني قَدََمْتُ، وزمانُ الصحةِ وزمانُ النهيِ واحدٌ، و "قَدَّمْتُ" يجوزُ أَنْ يكونَ بمعنى تَقَدَّمْتُ، فتكون التاءُ للحال، ولا بُدَّ من حَذْفِ مضافٍ أ : وقد تقدَّم قولي لكم مُلْتبساً بالوعيد. ويجوزُ أن يكونَ "قَدَّمْتُ" على حاله متعدِّياً، والباءُ مزيدةٌ في المفعولِ أي: قَدَّمْتُ إليكم الوعيدَ.
* ﴿ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأَتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ ﴾
(١٣/١٦٥)
---


الصفحة التالية
Icon