ووقف ابن كثير على "يُنادي" بالياء، والباقون دونَها. ووجهُ إثباتِها أنه لا مُقْتضٍ لحذفِها، ووجهُ حَذْفِها وَقْفاً اتِّباعُ الرسمِ، وكان الوقفُ مَحَلَّ تخفيفٍ. وأمَّا "المنادي" فأثبتَ ابنُ كثير أيضاً ياءَ وصلاً ووقفاً، ونافع وأبو عمروٍ بإثباتِها وصلاً وحَذْفِها وقفاً، وباقي السبعةِ بحَذْفِها وَصْلاً ووقفاً. فمَنْ أثبت فلأنَّه الأصلُ، ومَنْ حَذَفَ فلاتِّباع الرسمِ، ومَنْ خَصَّ الوقفَ بالحذفِ فلأنَّه مَحَلُّ راحةٍ ومَحَلُّ تغييرٍ.
* ﴿ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ﴾
قوله: ﴿يَوْمَ يَسْمَعُونَ﴾: بدلٌ مِنْ "يومَ ينادي" و "بالحق" حالٌ من الصيحة أي: ملتسبةً بالحق، أو من الفاعلِ أي: يَسْمعون مُلْتبسين بسماع حق.
قوله: ﴿ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ﴾ يجوز أَنْ يكونَ التقديرُ: ذلك الوقتُ أي: وقتُ النداءِ والسماع يومُ الخروجِ. ويجوز أَنْ يكونَ "ذلك" إشارةً إلى النداء، ويكونُ قد اتُّسِع في الظرف فأُخْبِرُ به عن المصدر، أو يُقَدَّرَ مضافٌ إلى ذلك النداءِ والاستماع: نداء يومِ الخروجِ واستماعِه.
* ﴿ يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ ﴾
قوله: ﴿يَوْمَ تَشَقَّقُ﴾: "يوم" يجوزُ أَنْ يكونَ بدلاً مِنْ "يوم" قبله. وقال أبو البقاء: "إنه أُبْدِل مِنْ "يوم" الأول" وفيه نظرٌ مِنْ حيث تَعَدُّدُ البدلِ والمبدلُ منه واحدٌ. وقد تقدَّم أن الزمخشريَّ منعه. ويجوزُ أَنْ يكونَ اليوم ظرفاً للمصير. وقيل: ظرفٌ للخروج. وقيل: منصوبٌ بـ"يَخْرُجون" مُقَدَّرا. وتقدَّمَ الخلافُ في "يَشَّقَّقُ" في الفرقان. وقرأ زيد "تَتَشَقَّق" بفكِّ الإِدغام.
قوله: ﴿سِرَاعاً﴾ حالٌ من الضمير في "عنهم"، والعاملُ فيها "تَشَقَّقُ".
وقيل: عاملُها هو العامل في "يومَ تَشَقَّقُ" المقدر أي: يَخْرُوجون سِراعاً يوم تَشَقَّقُ.
(١٣/١٧١)
قوله: ﴿عَلَيْنَا﴾ متعلق بـ"يَسير" ففَصَل بمعمولِ الصفة بينها وبين موصوفِها، ولا يَضُرُّ ذلك. ويجوزُ أَنْ يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنه حالٌ منه. لأنه في الأصلِ يجوزُ أَنْ يكونَ نعتاً. وقال الزمخشري: "التقديمُ للاختصاصِ، أي: لا يتيسَّر ذلك إلاَّ على الله وحده". وقد تقدَّم الخلافُ في ياء "وعيد" إثباتاً وحَذْفاً.