قوله: ﴿عِندَ سِدْرَةِ﴾: ظرفٌ لِرَآه و "عندها جنةُ" جملةٌ ابتدائيةٌ في موضعِ الحالِ. والأأحسنُ أَنْ يكونَ الحالُ الظرفَ، و "جَنَّةُ المَأْوى" فاعلٌ به. والعامَّةُ على "جنَّة" اسمٌ مرفوعٌ. وقرأ أمير المؤمنين وأبو الدرداء وأبو هريرة وابن الزبير وأنس وزر بن حبيش ومحمد بن كعب "جَنَّة" فعلاً ماضياً. والهاء ضميرُ المفعول يعود للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم. والمَأْوَى فاعلٌ بمعنى: سَتَره إيواءُ اللَّهِ تعالى: وقيل: المعنى: ضَمَّه المبيتُ والليلُ. وقيل: جَنَّة بظلالِه ودَخَلَ فيه. وقد رَدَّت عائشةُ رضي الله عنها هذه القراءةَ وتبعها جماعةٌ وقالوا: "أجَنَّ اللَّهَ مَنْ قرأها"، وإذا ثبتت قراءةً عن مثلِ هؤلاء فلا سبيلَ إلى رَدِّها، ولكنِّ المستعملَ إنما / هو أَجَنَّة رباعياً، فإن استعمل ثلاثياً تَعَدَّى بـ"على" كقولِه ﴿فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ الْلَّيْلُ﴾. وقاله أبو البقاء: "وهو شاذٌّ والمستعملُ أجنَّه". وقد تقدَّم الكلامُ على هذه المادةِ في الأنعام. و "إذ يَغْشَى" منصوبٌ بـ رآه. وقولُه: "ما يَغْشَى" كقولِه: ﴿مَآ أَوْحَى﴾
* ﴿ لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ﴾
قوله: ﴿الْكُبْرَى﴾ فيه وجهان، أحدُهما: وهو الظاهرُ أنَّ "الكبرى" مفعولُ رأى، و ﴿مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ﴾ حالٌ مقدمةٌ. والتقدير: لقد رأى الآياتِ الكبرى من آياتِ ربه. والثاني: أنَّ ﴿مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ﴾ وهو مفعولٌ الرؤية والكُبْرى صفةٌ لآيات ربِّه. وهذا الجمعُ يجوزُ وَصْفُه المؤنثةِ الواحدةِ، وحَسَّنه هنا كونُه فاصلةً. وقد تقدَّم مِثْلُه في طه كقوله: ﴿لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى﴾
* ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى ﴾
قوله: ﴿اللاَّتَ﴾: اسمُ صَنَم. قيل: كان لثَقيف بالطائف، قاله: قتادة. وقيل: بنخلة. وقيل: بعُكاظً. ورَجَّح ابنُ عطيةً الأولَ بقولِ الشاعر:
(١٣/٢١١)
---


الصفحة التالية
Icon