و "أرأيت" بمعنى أَخْبِرْني فيتعدَّى لاثنين، أوَّلُهما: "اللات وما عُطِف عليها. والثاني: الجملةُ الاستفهاميةُ مِنْ قولِه: "أَلكُمُ الذَّكَرَ" فإنْ قيل: لم يَعُدْ من هذه الجملةِ ضميرُ على المفعول الأولِ. فالجوابُ: أنَّ قولَه: "وله الأنثى" في قوةِ "وله هذه الأصنامُ" وإن كان أصلُ التركيبِ: ألكم الذَّكَر وله هُنَّ، أي: تلك الأصنامُ، وإنما أُوْثِرَ هذا الاسمُ الظاهرُ لوقوعِه رَأْسَ فاصلةٍ. /
وقد جَعَلَ الزجَّاجُ المفعولَ الثاني محذوفاً فإنَّه قال: "وجهُ تَلْقيقِ هذه الآيةِ مع ما قبلَها فيقول: أَخْبِروني عن آلهتِكم هل لها شيءٌ من القدرةِ والعظمة التي وُصِفَ بها ربُّ العزَّةُ في الآية السالفة" انتهى. فعلى هذا يكونُ قولُه: "ألكم الذَّكَر" متعلقاً بما قبلَه من حيث المعنى، لا من حيث الإِعرابُ. وجَعَل ابنُ عطية الرؤية هنا بَصَريةً فقال: "وهي من رؤيةِ العين؛ لأنَّه أحال على أَجْرامك مرئيةٍ، ولو كانَتْ "أَرَأَيْتَ" التي هي استفتاءٌ لم تَتَعَدَّ" وهذا كلامٌ مُثْبَجٌ، وقد تقدَّم لك الكلامُ عليها مُشْبَعاً في الأنعام وغيرها.
* ﴿ تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى ﴾
قوله: ﴿ضِيزَى﴾: قرأ ابنُ كثير "ضِئْزَى" بهمزةٍ ساكنةٍ، والباقون بياءٍ مكانَها. وزيدُ علي "ضَيْزَى" بفتح الضادِ والياءِ الساكنة. فأمَّا قراءةُ العامَّةِ فيُحْتمل أَنْ تكونَ مِنْ ضازه يَضَيزه إذا ضامه وجارَ عليه. فمعنى ضِيْزَى أي: جائرة. قال الشاعر:
٤١٣٢ - ضازَتْ بنو أُسْدٍ بحُكْمِهِمُ * إذ يَجْعلون الرأسَ كالذَّنَبِ
(١٣/٢١٤)
---


الصفحة التالية
Icon