قوله: ﴿صَرْصَراً﴾: أي الشديدةُ الصوتِ مِنْ صَرْصَرَ البابُ أو القلمُ إذا صوَّت، أو الشديدة البرد مِنْ الصِّرِّ وهو البرد. وهو كله أصولٌ عند الجمهور. وقال مكي: أصلُه صَرَّر مِنْ صرَّ البابُ إذا صَوَّتَ لكنْ أبدلوا من الراء المشدة صاداً". قلت: وهذا قول الكوفيين. ومثلُه: كَبْكَبَ وكَفْكَفَ، وتقدَّم هذا في فُصَّلَتْ وغيرها.
قولُه: ﴿يَوْمِ نَحْسٍ﴾ العامّةُ على إضافة "يوم" إلى "نَحْس" بسكونِ الحاءِ. وفيه وجهان، أحدهما: أنَّه من إضافة الموصوف إلى صفتِه. والثاني: وهو قَولُ البصريين أنه صفةٌ لموصوفٍ محذوفٍ، أي: يوم عذابِ نحس، وقرأ الحسن بتنوينه ووَصْفِه بـ نَحْس، ولم يُقَيِّدْه الزمخشريُّ بكسر الحاء. وقَيَّده الشيخ. وقد قُرِىء قولُه تعالى ﴿فِيا أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ﴾ بسكونِ الحاءِ وكسرِها. وتنوين "أيام" عند الجميع كما تقدَّم تقريره "ومُسْتمر" صفةٌ لـ"يوم" أو "نَحْسٍِ" ومعناه كما تَقدَّم، أي: دامَ عليهم حتى أهلكهمِ أو مِنْ المرارة.
* ﴿ تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ ﴾
و "تَنْزِعُ" في موضع نصبٍ إمَّا نعتاً لـ"ريحاً"، وإمَّا حالاً منها لتخصُّصِها بالصفةِ ويجوز أن تكون مستأنفةً. وقال "الناس" لتَضُمَّ ذَكَرهم وأُنثاهم، فأوقع الظاهر موقعَ المضمرِ لذلك، وإلاَّ فالأصلُ: تَنْزَعُهم.
قوله: ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ﴾ حالٌ من الناسِ مقدرةً. و "مُنْقَعِر" صفةً لـ"نَخْلٍ" باعتبار الجنس، ولو أَنَّثَ لاعتبر معنى الجماعة، كقوله ﴿نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾ وقد تقدَّم تحقيق اللغتين فيه، وإنما ذَكَّر هنا وأَنَّثَ في الحاقةِ مراعاةً للفواصل في الموضعَيْن. وقرأ أبو نهيك "أَعْجُزُ" على وزن أَفْعُل نحو: ضَبُع وأضْبُع، وقيل: الكاف في موضع نصبٍ بفعل مقدرٍ تقديرُه: فتركهم كأنهم أعجازٌ، قاله مكي، ولو جُعِلَ مفعولاً ثانياً على التضمين، أي: يُصَيِّرهم بالنَّزْع كأنهم، لكان أقربَ.
(١٣/٢٤٧)
---


الصفحة التالية
Icon