وقرأ العامَّةُ "مُسْتَطَرٌ" بتخفيف التاءِ من السَّطر وهو الكَتْبُ، أي: مُكْتَتب. وقرأ الأعمش وعمران بن حدير وتُرْوَى عن عاصم بتشديدها. وفيه وجهان. أحدهما: أنه مشتقٌ مِنْ طَرَّ الشاربُ والنبات، أي: ظهر ونَبَتَ، بمعنى: أنَّ كلَّ شيءٍ قلَّ أو كثُر ظاهرٌ في اللوح غيرُ خفي، فوزنُه مُسْتَفْعَل كمُسْتَخْرج. والثاني: أنَّه من الاستطار، كالقراءة العامة وإنما شُدِّدَت الراءُ من أجل الوقفِ كقوله: "هذا جَعْفَرّ وفَرَجّ" ثم أُجري الوصلُ مُجرى الوقف فوزنه مُفْتَعَلَ كقراءة الجمهور.
* ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ ﴾
قوله: ﴿وَنَهَرٍ﴾: العامةُ بالإفرادِ وهو اسمُ جنسٍ بدليل مقارنتِه للجمع، والهاء مفتوحةٌ كما هو الفصيح، وسَكَّنها مجاهد والأعرج وأبو السَّمَّال والفياض وهي لُغَيَّةٌ. وقد تقدَّم الكلامُ عليها أولَ البقرة. وقيل ليس المرادُ هنا نهرَ الماءِ، وإنما المرادُ به سَعَةٌ الأرزاقِ لأنَّ المادةَ تَدُلُّ على ذلك كقول قيس بن الخطيم: /
٤١٦٩ - مَلَكْتُ بها كَفِّي فَأَنْهَزْتُ فَتْقَها * يَرى قائمٌ مِنْ دونِها ما وراءَها
أي: وسَّعْتُ. وقرأ أبو نهيك وأبو مجلز والأعمش وزهير الفرقبي "ونُهُر" بضم النونِ والهاءِ، وهي تحتمل وجهين، أحدهما: أَنْ يكونَ جمعَ نَهَر بالتحريك وهو الأَوْلى نحو: أُسُد في أَسَد. والثاني: أن يكون جمعَ الساكنِ نحو: سُقُف في سَقْف ورُهُن في رَهْن، والجمع مناسِبٌ للجمع قبلَه في "جنات" وقراءةُ العامة بإفرادِه أَبْلَغُ وقد تقدَّم كلامُ ابن عباس في قوله تعالى آخر البقرة ﴿وَمَلاائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ﴾ بالإِفرادِ، وأنه أكثرُ مِنْ "الكتب". وتقدَّم أيضاً تقديرُ الزمخشري لذلك، فعليك...
(١٣/٢٥٧)
---


الصفحة التالية
Icon